هل يواصل الذهب ارتفاعه؟ توقعات الأسعار بعد 3000 دولار

يواصل الذهب خطف الأضواء في الأسواق العالمية، مع تسجيله مستويات قياسية تقترب من 3000 دولار للأونصة، مدفوعًا بتقلبات حادة وإقبال قوي من المستثمرين والمؤسسات المالية الكبرى. وفي ظل التوترات الاقتصادية العالمية وعدم اليقين في الأسواق، يتزايد التساؤل حول مستقبل المعدن النفيس: هل سيواصل اندفاعه الصعودي ليحطم أرقامًا قياسية جديدة، أم أنه يقترب من مرحلة تصحيح قد تعيد ضبط مساره؟

وفي هذا السياق، أكد أسامة زرعي، خبير أسواق الذهب، أن المعدن النفيس لا يزال في مسار صعودي، ولم يصل بعد إلى ذروته، رغم بعض التقلبات التي يشهدها السوق، وأوضح أن حركة الأسعار الحالية تعكس ديناميكيات العرض والطلب، خصوصًا في ظل تحركات كبار المستثمرين والمؤسسات المالية.

تحركات البنوك الكبرى

قال زرعي: “مع إغلاق الأسبوع الماضي، شهد السوق تحركات قوية من كبار المشترين، على رأسهم بنك أوف أمريكا الذي دفع أسعار الذهب إلى مستوى 3000 دولار للأونصة عبر تنفيذ عمليات شراء بحجم 3 أطنان يوم الجمعة الماضي. ومنذ ديسمبر، بلغت مشتريات البنك 1.6 مليون أونصة، ليرتفع مخزونه الإجمالي إلى 153 طنًا، وهو مؤشر على استمرار التفاؤل بشأن الذهب”. كما أشار الخبير إلى أنَّ بنك باركليز كان ثاني أكبر مشترٍ، حيث نفذ عمليات شراء بلغت 1.7 طن من الذهب، ما عزز الاتجاه الصاعد للأسعار.

أما على صعيد البيع، فقد لفت زرعي إلى أنَّ “دويتشه بنك كان البائع الأكبر خلال جلسة الجمعة، حيث تخلى عن 3.8 طن عند وصول الأسعار إلى 3002 دولار للأونصة، ليُصبح بعدها عند أدنى مستوى من مخزونات الذهب في تاريخه، وهو ما يثير التساؤلات حول استراتيجيته القادمة؛ فهل سيُعيد الشراء عند مستويات أقل، أم أنَّ السوق يقترب من القمة؟”.

السيناريوهات المحتملة لأسعار الذهب: دورة سريعة أم بطيئة؟

أوضح زرعي أنَّ هناك سيناريوهين لتحركات الذهب منذ بداية مارس، الأول يعتمد على دورة سعرية سريعة، والثاني على دورة سعرية بطيئة. وبما أن الأسعار ارتفعت كما كان متوقعًا في 12 مارس، فإن الاتجاه المرجح هو استمرار الدورة السريعة، مما يعني أنَّ الأسعار قد تصل إلى القمة بين نهاية مارس و4 أبريل، بناءً على حسابات زمنية تستند إلى قاع الدورة السابقة المسجل يوم 15 نوفمبر.

وأضاف زرعي: “منذ التصحيح الأخير عند مستوى 2835 دولارًا، ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 6.12%، وفي العادة تمتد موجات الصعود إلى 7.5%، وأحيانًا تصل إلى 9%، ما يعني أنَّ القمة المتوقعة قد تكون عند 3050 دولارًا، وإن امتد الصعود فقد نشهد وصول الأسعار إلى 3100 دولار للأونصة”.

وعن التوقعات قصيرة المدى، قال زرعي: “قد نشهد بعض التصحيحات السعرية في بداية الأسبوع، حيث يمكن أن تنخفض الأسعار إلى 2970 دولارًا، وربما أكثر بقليل، لكن هذا لا يغير من الاتجاه العام الصاعد، حيث لا تزال المستهدفات قائمة عند مستويات أعلى”.

واختتم تصريحاته قائلاً: “نتوقَّع اكتمال دورة سعرية كاملة للذهب خلال الأسابيع المقبلة، وسنراقب التطورات لمعرفة ما إذا كان السوق سيدخل في مرحلة هبوط بعد بلوغ القمة، أم أنَّ الاتجاه الصاعد سيستمر بدعم من العوامل الاقتصادية العالمية”.

اقرأ المزيد: الذهب يحطم الأرقام القياسية.. 3000 دولار للأونصة لأول مرة في التاريخ

العوامل التي تدفع الذهب نحو مستويات قياسية

أكَّدت الدكتورة شيماء وجيه، أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحري، أنَّ أسعار الذهب حققت قفزة تاريخية، حيث تجاوزت حاجز 3000 دولار للأونصة لأول مرة في التاريخ خلال تعاملات الجمعة الماضية، مشيرةً إلى أن هذا الارتفاع جاء نتيجة زيادة مشتريات البنوك المركزية، وضعف الاقتصاد العالمي، وتصاعد التوترات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى.

وأوضحت أنَّ الذهب حقق مكاسب بنسبة 3% خلال الأسبوع الماضي، مما يجعله في طريقه لتحقيق أكبر ارتفاع أسبوعي منذ نوفمبر، لافتةً إلى أنَّ المعدن الأصفر قد وصل إلى مستوى 3004 دولارات للأونصة، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق.

وأشارت وجيه إلى أن الضبابية التي تسببت فيها السياسات التجارية الأمريكية، خاصةً مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين، عززت من توجه المستثمرين نحو الذهب كملاذ آمن، مؤكدةً أنَّ الأسواق تتوقع مزيدًا من المكاسب خلال الفترة المقبلة.

هل يصل الذهب إلى 3500 دولار؟

أوضحت الدكتورة شيماء وجيه أنّ الذهب دائمًا ما يستفيد من حالات عدم اليقين الاقتصادي، ومع تصاعد التوترات التجارية فإن المستثمرين يبحثون عن أصول آمنة للحفاظ على قيمة أموالهم، مما يدفع الأسعار إلى الارتفاع باستمرار.

وأكَّدت أنَّ التقديرات تشير إلى إمكانية وصول الذهب إلى 3500 دولار للأونصة بحلول الربع الثالث من العام، وفقًا لتوقُّعات بعض المؤسسات المالية، مضيفةً أنَّ الوصول إلى مستوى 3400 دولار ممكن قبل نهاية العام، في ظل استمرار حالة الضبابية العالمية.

وأوضحت: “هناك عدة عوامل تدعم استمرار ارتفاع الذهب، منها السياسات النقدية للبنوك المركزية، والتوترات التجارية، بالإضافة إلى الطلب المتزايد من قبل البنوك المركزية على المعدن النفيس”.

تعرّف إلى معيار الذهب وآلية عمله كوحدة قياس تاريخية

البنوك المركزية تشتري الذهب بكثافة

أشارت الدكتورة شيماء وجيه إلى أن البنوك المركزية حول العالم تواصل شراء الذهب بكميات ضخمة، حيث يتم شراء ما يقارب 1000 طن سنويًا، وهو ما ساهم في دعم الأسعار خلال الأشهر الماضية.

وأضافت: “مع تزايد عدم اليقين في الأسواق العالمية، نجد أن البنوك المركزية تسعى إلى تعزيز احتياطياتها من الذهب، وهو ما يوفر دعمًا إضافيًا لاستمرار الاتجاه الصاعد للأسعار”.

كما أوضحت الدكتورة شيماء وجيه أنَّ الأسواق المالية تترقب قرارات مهمة من قبل البنوك المركزية هذا الأسبوع، قد يكون لها تأثير مباشر على أسعار الذهب، مشيرةً إلى أنَّ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يجتمع يوم الأربعاء، ومن المتوقع أن يُبقي أسعار الفائدة دون تغيير، مع ترقب أي تصريحات من رئيسه جيروم باول بشأن السياسة النقدية المستقبلية.
في حين يُتوقع أن يحافظ بنك اليابان على أسعار الفائدة الحالية، في ظل ضعف الين وارتفاع معدلات التضخم، أما
بنك إنجلترا فسيعقد اجتماعه يوم الخميس، مع توقُّعات بعدم خفض أسعار الفائدة مجددًا، والالتزام بالتخفيضات التدريجية الفصلية.

وأكَّدت وجيه أنَّ هذه القرارات ستكون بمثابة أول تقييم جماعي من البنوك المركزية لكيفية تأثير سياسات التجارة العالمية على الاقتصاد، وسط تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين.

الفضة تتجه للصعود أيضًا

أكَّدت الخبيرة أيضًا أنَّ السوق يشهد نقصًا في المعروض من الفضة العينية، خاصة في الأسواق الرئيسية مثل لندن ونيويورك، مشيرةً إلى أن الأسعار قد تصل إلى 35-40 دولارًا للأونصة في المستقبل القريب.

وقالت: “هناك طلب متزايد على الفضة، ومع قلة المعروض فإنَّ الأسعار مرشحة لمزيد من الصعود، على الرغم من أن الإطار الزمني لتحقيق هذه المستويات غير واضح حتى الآن”.

توقعات أرباح الشركات وتأثيرها على مؤشرات الأسهم

أوضحت الدكتورة شيماء وجيه أنَّ محللي بولستريد خفَّضوا توقعاتهم لنمو أرباح الشركات المدرجة على مؤشر S&P 500 لعام 2025 من 13% إلى 10%، بسبب الضغوط الاقتصادية العالمية.

وأضافت أنَّ 22 أسبوعًا من أصل 23 أسبوعًا الماضية شهدت تخفيضات في توقعات أرباح الشركات، وهو ما يعكس الضغوط المستمرة على الأداء المالي للشركات الكبرى.

واختتمت الدكتورة شيماء وجيه تصريحاتها بالتأكيد على أنَّ الذهب سيظل الملاذ الآمن الأبرز في ظل استمرار التوترات الاقتصادية والتجارية العالمية، مشيرةً إلى أنَّ التوقعات لا تزال إيجابية بشأن تحقيق مزيد من المكاسب خلال الأشهر المقبلة.

وأضافت: “مع استمرار الضبابية الاقتصادية، وتوجه البنوك المركزية نحو شراء المزيد من الذهب، فإنَّ الأسعار قد تواصل الصعود، مما يجعله خيارًا استثماريًا قويًا خلال الفترة القادمة”.

تعرّف إلى كمية الذهب المكتشف وتوقعات أسعار 2025

تابعنا على صفحتنا على فيسبوك

تابعنا أيضًا على صفحتنا على إنستغرام

أخبار ذات صلة