ترامب vs هاريس.. أي رؤية ستحدد مستقبل الشرق الأوسط؟ 

تتفاوت رؤى المرشحين الرئاسيين، دونالد ترامب وكامالا هاريس، بشكل ملحوظ في كيفية التعامل مع قضايا ومستقبل الشرق الأوسط، مما يشير إلى اختلافات جذرية في السياسات المحتملة، لكن تبقى مسألة من هو الأفضل للشرق الأوسط، فوز دونالد ترامب أم كامالا هاريس، موضوعًا شائكًا يعتمد على مجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

كيف سيؤثر الفائز في مستقبل الشرق الأوسط؟

يمكن أن يكون لفوز ترامب تأثيرات كبيرة في اقتصاد الشرق الأوسط، تعتمد على السياسات التي سيعتمدها وعلى العلاقات الدولية التي سيعززها، ففي الوقت الذي يمكن أن تخلق فيه بعض هذه السياسات فرصًا جديدة، قد تحمل أيضًا تحديات وصعوبات اقتصادية لدول المنطقة.

ومن ناحية أخرى، يُمكن أن يمثل فوز كامالا هاريس فرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط، من خلال التركيز على التجارة والاستثمار وحقوق الإنسان، كما قد تسهم سياساتها في تحقيق استقرار اقتصادي واجتماعي في المنطقة، وسيكون فوزها بمثابة بداية مرحلة جديدة من التعاون والشراكة، مما قد يؤدي إلى نمو مستدام ومزدهر لدول الشرق الأوسط.

السياسة الخارجية

تقول الدكتورة أماني فخري، أستاذ الاقتصاد، لـ “Econ-Pedia” إنّ إدارة ترامب اتبعت سياسة خارجية قائمة على “أمريكا أولًا”، مما أدى إلى إعادة تقييم العلاقات مع حلفاء تقليديين في الشرق الأوسط. على سبيل المثال، عزز ترامب العلاقات مع إسرائيل، مما أدى إلى اتفاقيات التطبيع مع دول عربية، لكن إدارته اتبعت أيضًا سياسة صارمة تجاه إيران، مما زاد من التوترات في المنطقة.

أما هاريس، فمن المتوقع أن تتبنى نهجًا أكثر تقليدية في السياسة الخارجية، حيث تخطط إلى بناء تحالفات مع الدول الحليفة، والتفاوض مع إيران بشأن برنامجها النووي. وهذا سيعزز الأهمية الاستراتيجية للدبلوماسية، وقد يسهم في تحقيق استقرار أكبر في المنطقة.

قد يهمّك أيضًا: كيف يؤثر فوز ترامب على الأسواق في الشرق الأوسط؟

الأمن والاستقرار

اتخذ ترامب موقفًا صارمًا تجاه تنظيمات مثل داعش، لكن سياسته تجاه الانسحاب من مناطق النزاع قد تكون لها تبعات مختلفة، حيث إن الانسحاب الأمريكي قد يفتح المجال لزيادة نفوذ إيران وجماعات مثل حزب الله.

وفي المقابل، ستعتمد هاريس استراتيجية أكثر توازنًا تهدف إلى دعم الحلفاء المحليين وتعزيز الاستقرار، وقد يتم تخصيص المزيد من الموارد للدعم العسكري والاقتصادي للحلفاء في المنطقة، مما يمكن أن يسهم في تحقيق الاستقرار.

السياسات الاقتصادية

لفتت فخري إلى أن سياسة ترامب الاقتصادية تركز على تعزيز الصناعة الأمريكية من خلال سياسة الحمائية، وقد يؤدي ذلك إلى تأثير سلبي على التجارة مع الشرق الأوسط، إذ قد تعاني دول المنطقة التي تعتمد في صادراتها على الولايات المتحدة من تقلبات اقتصادية.

في حين تتبنى هاريس سياسة تجارية أكثر انفتاحًا، مما قد يؤدي إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، حيث يُمكن للسياسات التي تدعم التعاون الاقتصادي أن توفر فرصًا استثمارية أكبر وتُحقق فوائد اقتصادية أعلى.

تعرّف إلى معلومات حول قلق الصناعة الألمانية من فوز ترامب

حقوق الإنسان

إدارة ترامب تعتبر الأقل تركيزًا على قضايا حقوق الإنسان، حيث قامت بالتركيز على المصالح الاقتصادية والأمنية فقط، وهذا يثير القلق بشأن القضايا الحقوقية في الدول العربية. فيما تعتبر هاريس من المدافعين عن حقوق الإنسان، ومن المرجح أن تعلي صوتها بشأن حقوق النساء والأقليات في منطقة الشرق الأوسط.

مستقبل المناخ

سبق انسحبت إدارة ترامب من اتفاقية باريس المناخية، مما أثر على الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، وقد يواجه الشرق الأوسط تحديات بيئية متزايدة نتيجة هذه السياسات، بينما تلتزم هاريس بتعزيز السياسات البيئية، بما في ذلك الالتزام باتفاقية باريس، كما أنّها ستدعم التعاون الدولي لمواجهة تحديات المناخ، وهو أمر حيوي لدول الشرق الأوسط التي تواجه قضايا بيئية حادة.

اقرأ التقرير الكامل حول الفرق في سياسات الطاقة والمناخ بين هاريس وترامب

سياسات ترامب في قطاع الطاقة

تقول الدكتورة مروة الشافعي، الخبيرة الاقتصادية، لـ “Econ-Pedia” إن فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية يمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستقبل الشرق الأوسط؛ حيث يعتبر ترامب مؤيدًا لزيادة إنتاج النفط المحلي، مما قد يؤدي إلى تقلبات في أسعار النفط العالمية. وإذا كان الإنتاج الأمريكي مرتفعًا، فقد يؤدي ذلك إلى الضغط على أسعار النفط، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا على اقتصادات دول الشرق الأوسط التي تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط.

كما أن ترامب يتبنى سياسات تدعم الاستثمارات في الطاقة التقليدية، مما قد يؤثر على المنافسة مع الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، قد تتأثر دول مثل السعودية والإمارات التي تعتمد على مبيعات النفط بشكل أساسي.

التجارة الحرة الاستثمار

من المتوقع أن يتبنى ترامب سياسات تجارية قومية، مما قد يؤدي إلى فرض تعرِفات جمركية على الواردات، بما في ذلك المنتجات القادمة من دول الشرق الأوسط، مما قد يؤثر على التجارة بين الولايات المتحدة ودول المنطقة، ويسبب تراجعًا في الصادرات والواردات.

علاوةً على ذلك، قد تؤثر سياسة ترامب على استثمارات الشركات الأمريكية في الشرق الأوسط، فقد تتجه الشركات إلى تقليل استثماراتها إذا شعرت أن السياسات التجارية ستزيد من تكاليف الأعمال.

تأثير فوز ترامب في العلاقات الخارجية

إضافة إلى ما سبق، فإنّ من المتوقّع أن تؤثر سياسات ترامب في مجالات متعددة، منها ما يأتي:

  • السياسة الخارجية: من المعروف عن ترامب أنّه يتبنى سياسة خارجية أكثر تشددًا، وهذا قد يؤثر على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كما أنّ تعهدات ترامب بدعم الحلفاء التقليديين، مثل إسرائيل، قد تؤدي إلى توترات أكبر في المنطقة.
  • التحالفات: قد تتغير التحالفات السياسية في المنطقة نتيجة للسياسات الأمريكية، مما قد يؤثر على الاقتصاد، فقد تشهد دول مثل إيران تأثيرًا سلبيًا نتيجة للسياسات العقابية التي قد يفرضها ترامب.
  • مكافحة الإرهاب: قد يؤثر تركيز ترامب على مكافحة الإرهاب في استقرار المنطقة، فإذا استمرت النزاعات يُحتمل أن تتأثر الاستثمارات والسياحة في دول الشرق الأوسط.
  • سياسات الهجرة: قد تؤدي السياسات الأمريكية المتشددة في مجال الهجرة إلى تقليص أعداد المهاجرين من الشرق الأوسط، مما قد يؤثر على العمالة في دول كدول الخليج التي تعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية.
  • أسواق المال: يمكن أن تتأثر الأسواق المالية في الشرق الأوسط بتقلبات الأسواق الأمريكية نتيجة لفوز ترامب، فأيّ تراجع في الأسواق الأمريكية يمكن أن ينعكس على الأسواق الإقليمية، مما يؤثر على الاستثمارات والأسواق المالية.
  • المساعدات الأمريكية: قد يؤثر فوز ترامب على حجم المساعدات الأمريكية لدول الشرق الأوسط، مما قد يؤثر على اقتصادات تلك الدول، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تواجهها.

فوز كامالا هاريس.. ماذا يعني؟

ترى الشافعي أنّ فوز كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية قد يحمل دلالات اقتصادية مهمة حول مستقبل الشرق الأوسط؛ وتتوقع أن تتبنى هاريس سياسة تجارية أكثر انفتاحًا، مما قد يعزز التجارة بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، ويساعد في دعم صادرات الدول العربية إلى السوق الأمريكية، مما قد يسهم في زيادة الإيرادات وتعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة، كما قد تعزز هاريس التعاون التجاري في مجالات مثل التكنولوجيا والطاقة.

كما أن كمالا هاريس تؤيد زيادة الاستثمارات الأمريكية في الشرق الأوسط، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة المتجددة والتكنولوجيا، الأمر الذي سيُشجع خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي في الدول العربية.

كما يتوقع أن تشجع السياسات الاستثمارية المستدامة على تطوير البنية التحتية، مما يعود بالنفع على الاقتصاد الإقليمي.

وأضافت الخبيرة، يعتبر الاستقرار الأمني عاملًا رئيسًا في تحقيق النمو الاقتصادي، وقد تتبنى هاريس نهجًا دبلوماسيًا يدعم التعاون الأمني مع الحلفاء في المنطقة.

مما قد يساعد في تقليل التوترات، كما سيساهم الاستقرار الأمني في جذب الاستثمارات وتعزيز السياحة، وهما عنصران مهمان للنمو الاقتصادي.

سياسات هاريس المتوقعة

تعتبر هاريس مدافعة قوية عن حقوق الإنسان، وبالتالي قد يؤدي تعزيز قضايا حقوق الإنسان في سياساتها إلى تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية في الدول العربية؛ حيث إنّ تعزيز حقوق المرأة والمساواة يمكن أن يسهم في زيادة المشاركة الاقتصادية، وبالتالي تحسين الإنتاجية والنمو.

وأوضحت الخبيرة أنّ هاريس ستعزز الجهود المبذولة لمواجهة التغير المناخي، مما سيكون له تأثير إيجابي على البيئة والاقتصاد في الشرق الأوسط، كما أنّ الاستثمار في الطاقة المتجددة والتكنولوجيا البيئية يمكن أن يخلق فرص عمل جديدة ويقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري، مما يسهم في تحقيق استدامة اقتصادية.

ومن المتوقع أن تخطط هاريس لبناء تحالفات استراتيجية مع دول الشرق الأوسط، وتحسين العلاقات مع الحلفاء الرئيسين بهدف تعزيز التعاون في مجالات مثل التجارة والأمن والتنمية، مما يعود بالنفع على الاقتصاد الإقليمي.

كما تعتبر هاريس الابتكار جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها الاقتصادية، حيث سيُساعد دعم الابتكار والتكنولوجيا على تعزيز النمو في المنطقة، خاصة في القطاعات الجديدة مثل التكنولوجيا المالية والصناعات التكنولوجية.

اقرأ أيضًا: التمويل السياسي في الولايات المتحدة.. أرقام ضخمة وتأثيرات كبرى

تابعنا على صفحتنا على فيسبوك

تابعنا أيضًا على صفحتنا على إنستغرام

أخبار ذات صلة