اختراق ضخم يضرب العملات المشفرة.. سرقة 1.5 مليار دولار

تقرير: باسل محمود

في ضربة غير مسبوقة لعالم العملات المشفرة، تعرضت منصة (Bybit)، إحدى أكبر منصات تداول الأصول الرقمية، لاختراق أمني أدَّى إلى سرقة أصول مشفرة تقدر قيمتها بنحو 1.5 مليار دولار، بحسب بلومبرج.

هذا الهجوم الكبير يُعيد فتح ملف أمن العملات المشفرة ومدى قدرتها على الصمود أمام الموجة المتزايدة من الهجمات السيبرانية التي تستهدف المنصات الرقمية، في وقت يتزايد فيه اعتماد العملات المشفرة على نطاق عالمي، حيث تسعى الشركات المالية إلى استكشاف فرص النمو في هذا القطاع.

الجدير بالذكر أنّ هذا الاختراق يُسَلِّط الضوء على المخاطر الحقيقية التي تواجه المتداولين والمؤسسات في التعامل مع هذه الفئة من الأصول الرقمية.

كيف وقع اختراق العملات المشفرة؟

كشف (Ben Zhou)، الرئيس التنفيذي لمنصة بايبِت، عن الاختراق في منشور له عبر منصة “X”؛ حيث أوضح أنَّ الهجوم استهدف إحدى محفظات “إيثيريوم” غير المتصلة بالإنترنت (Offline wallet)، والتي يُفترض أنَّ تكون أكثر أماناً لأنَّها لا تتصل مباشرة بالإنترنت، مما يُقلل من خطر الاختراق التقليدي عبر الهجمات السيبرانية.

لكن يبدو أنَّ المهاجمين وجدوا ثغرة أمنية في البنية التحتية للمنصة، مما مكنهم من سحب الأموال عبر سلسلة معقدة من المعاملات، شملت عدة تحويلات بقيم ضخمة وصلت إلى 1.5 مليار دولار.

تم تتبع بعض هذه التحويلات من خلال تحليل البيانات على البلوكتشين (Blockchain)، حيث انتشرت الأصول المسروقة بين عدة عناوين رقمية يصعب تعقبها.

هذا الحدث يكشف عن تطور أساليب الاختراق في قطاع العملات المشفرة، حيث لم يعد القراصنة يعتمدون على الهجمات التقليدية بل يستخدمون أدوات متقدمة مثل الاختراقات الهندسية والاجتماعية، واستغلال الثغرات الأمنية في العقود الذكية والمحافظ الساخنة والباردة.

البيتكوين مستقبل سوريا الحديثة.. اقرأ التقرير الكامل لتكتشف مدى نجاح هذه الخطوة

أين ذهبت الأموال؟

وفقاً للمُحلل المُتخصص في المعاملات الرقمية (ZachXBT)، فقد أظهرت البيانات أن الأموال المسروقة، بدأت تتحرك نحو عناوين جديدة، حيث يتم تصريفها وبيعها تدريجياً.

هذا يعني أن المهاجمين يستخدمون طرقًا معقدة لإخفاء أثر الأموال، مثل التحويل عبر عدة محافظ، وتقسيم المبالغ إلى أجزاء صغيرة، والاعتماد على منصات تداول لا تتطلب هوية المستخدم (DEXs) لغسل الأموال.

أكدت شركة الأبحاث المالية (Arkham) هذه المعلومات، مشيرة إلى أن المهاجمين قد بدأوا بالفعل في بيع الأصول المشفرة، حيث تم بيع مشتقات من الإيثر بقيمة 200 مليون دولار حتى الآن، وهو ما يعكس سرعة تحركات المهاجمين في تصريف الأموال قبل أن تتمكن الجهات التنظيمية من تعقبهم.

هذه التحركات المالية تعكس نمطًا متطورًا من الاختراقات التي تستهدف منصات العملات المشفرة، حيث لم يعد القراصنة يكتفون بسرقة الأموال، بل يتجهون إلى استراتيجيات أكثر تعقيدًا لإخفاء أثرها وتحويلها إلى أصول أخرى أو حتى عملات نقدية يصعب تتبعها.

غياب الشفافية

في ظل تصاعد التساؤلات حول الحادث، فضَّلت منصة بايبِت التزام الصمت؛ حيث رفض المتحدث الرسمي للشركة الإدلاء بأي تعليق إضافي على منشور الرئيس التنفيذي، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة من مجتمع المتداولين والمستثمرين الذين طالبوا بمزيد من الشفافية حول تفاصيل الاختراق والخطوات التي سيتم اتخاذها لتعويض المستخدمين المتضررين.

إنّ عدم تقديم “بايبِت” لتوضيحات كافية حول طبيعة الهجوم وكيفية استجابة المنصة له يجعلها عرضة لفقدان الثقة من المستخدمين، ما قد يؤثر على سمعتها في السوق؛ إذ إنّ العملات المشفرة قائمة على الثقة، وإذا فقدت المنصات قدرتها على حماية أموال المستخدمين، فقد يؤدي ذلك إلى عزوف المستثمرين عن التداول على هذه المنصات، أو على الأقل إعادة النظر في تدابيرهم الأمنية قبل الإيداع فيها.

منصات العملات المشفرة المخترقة

يُعَدُّ هذا الهجوم واحدًا من أكبر عمليات الاختراق في تاريخ العملات المشفرة، لكنَّه ليس الأول من نوعه؛ فقد شهدت السوق اختراقات ضخمة متعددة خلال السنوات القليلة الماضية، من بينها: اختراق منصة “FTX” في 2022، والذي أدى إلى خسائر تجاوزت 600 مليون دولار بعد انهيار المنصة، واختراق منصة “Binance” في 2019، حيث تمكن القراصنة من سرقة 40 مليون دولار من “بيتكوين” بعد استغلال ثغرات أمنية في المحافظ الساخنة.

علاوةً على اختراق منصة “Mt. Gox” في 2014، وهو أحد أكبر الاختراقات في تاريخ العملات المشفرة، حيث تمت سرقة 850 ألف بيتكوين، ما تسبب في إفلاس المنصة.

هذه الاختراقات المتكررة تؤكد على حاجة منصات التداول المشفرة إلى تعزيز إجراءاتها الأمنية، وإلا فإنَّها ستبقى هدفًا سهلاً للقراصنة الذين يزدادون احترافية يوماً بعد يوم.

اطّلع على مستجدات العملات المشفرة في 2025.. بيتكوين بين الارتفاعات والفرص التنظيمية

تداعيات الاختراق على سوق العملات المشفرة

تترك هذه الاختراقات أثرًا مباشرًا على ثقة المستثمرين في أسواق العملات الرقمية، مما يؤدي إلى تفاقم حدة التقلبات السوقية؛ فبعد الإعلان عن أي اختراق، تشهد الأسعار ارتفاعًا أو هبوطًا مفاجئًا في قيم العملات المُشفرة، حيث يُسرع المستثمرون إلى التخلص من استثماراتهم خوفًا من تفاقم الخسائر، في ظل موجة ذعر قد تتحول إلى عمليات بيع جماعية تعم السوق.

وذلك بالإضافة إلى تشديد الرقابة التنظيمية؛ حيث قد يدفع هذا الحادث الجهات التنظيمية إلى فرض إجراءات أكثر صرامة على منصات تداول العملات المشفرة، خاصة فيما يتعلَّق بمعايير الأمان وإجراءات مكافحة غسيل الأموال، فضلًا عن تراجع ثقة المستثمرين، فكلما زادت حوادث الاختراق زاد تردد المستثمرين في دخول سوق العملات المشفرة، مما قد يبطئ من تبني هذه التكنولوجيا على نطاق أوسع.

كيف يمكن حماية العملات المشفرة من الاختراقات؟

في ظل تزايد التهديدات السيبرانية، يحتاج المتداولون إلى اتِّباع إجراءات أمان صارمة لحماية أصولهم الرقمية، مثل استخدام المحافظ الباردة، حيث يكون هذا النوع المحافظ غير متصل بالإنترنت (Cold Wallets)، ما يجعله أكثر أمانًا من المحافظ الساخنة المتصلة بالإنترنت.

كما أنّ تمكين المصادقة الثنائية إجراء آخر يُضيف طبقة أمان إضافية لحسابات التداول، والاعتماد على منصات موثوق؛ حيث يجب على المستثمرين البحث عن المنصات التي تمتلك تاريخًا قويًا من الأمان والشفافية، والاحتفاظ بالحد الأدنى من الأصول على منصات التداول، إذ يُفَضَّل نقل الأصول إلى محافظ شخصية، بدلًا من الاحتفاظ بها على المنصات.

هل يمكن استعادة الأموال المسروقة؟

في الوقت الحالي، لا تزال عملية استعادة الأموال المسروقة معقدة للغاية، حيث يعتمد المخترقون على أساليب متطورة لإخفاء أثرهم، لكن هناك محاولات من جهات متخصصة في تَعَقُّب الأموال عبر البلوكتشين لاستعادة بعض الأصول المسروقة.

ولعلّ الأهم من استعادة الأموال الآن هو التعلم من هذه التجربة؛ حيث يُمكن لمنصات التداول تعزيز دفاعاتها السيبرانية، ووضع تدابير حماية أكثر صرامة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل.

اكتشف تأثير سياسات ترامب على سوق العملات المشفرة: هل ستكون بيتكوين الرابحة؟

تابعنا على صفحتنا على فيسبوك

تابعنا أيضًا على صفحتنا على إنستغرام

أخبار ذات صلة