برنامج دعم الصادرات الجديد يثير الجدل في مصر
يمثل برنامج دعم الصادرات الجديد خطوة مهمة ضمن جهود الحكومة المصرية لتعزيز مكانة الصادرات المصرية وزيادة تنافسيتها في الأسواق العالمية، خاصةً في ظل الأهداف الطموحة لرفع قيمة الصادرات إلى 145 مليار دولار بحلول عام 2030. ويهدف البرنامج إلى تحسين هيكل الدعم المقدم للمصدرين، مع التركيز على زيادة القيمة المضافة وتشجيع التصدير إلى الأسواق الواعدة مثل أفريقيا، إلى جانب دعم المناطق الحدودية وصعيد مصر.
ومع ذلك، فإن البرنامج الجديد يواجه انتقادات من الخبراء والمصدرين؛ بسبب تحديات متعددة تتعلق بخفض نسب المساندة التصديرية، وارتفاع متطلبات التنازل عن الحصيلة الدولارية، مما يُثير تساؤلات حول مدى ملاءمته لاحتياجات القطاع التصديري. كما شهدت السياسات الحكومية لدعم الصادرات المصرية تعديلات جديدة مع الإعلان عن برنامج “رد الأعباء التصديرية” الجديد.
النسب الجديدة للتنازل عن حصيلة التصدير
وفقًا للبرنامج الجديد، تتراوح نسب التنازل عن الحصيلة الدولارية بين 40% كحد أدنى لقطاع الصناعات الهندسية، و70% كحد أقصى لقطاع الحاصلات الزراعية.
هذه النسب تفرض على الشركات التنازل عن جزء كبير من إيراداتها بالدولار لصالح البنوك، مما أثار مخاوف بشأن تأثير ذلك على قدرة الشركات على الاستثمار والتوسع.
وفي هذا السياق، أشار هشام العيسوي، رئيس المجلس التصديري للحرف اليدوية، إلى أن البرنامج الجديد خالف توقعات المجالس التصديرية، خصوصًا فيما يتعلق بالدعم المُقَدَّم للمشاركة في المعارض الخارجية، وأوضح أنَّ آلية رد الأعباء الحالية، التي تعتمد على الدفع المسبق واسترداده لاحقًا، لا تتناسب مع طبيعة صناعة الحرف اليدوية، مما يشكل تحديًا إضافيًا للشركات العاملة في هذا القطاع.
فيما يرى المجلس التصديري للأثاث البرنامج الجديد بأنه “غير مشجع”، مشيرًا إلى أنَّ التنازل عن 50% من الحصيلة الدولارية لا يشكل أزمة كبيرة مقارنة بخفض نسب المساندة التصديرية، مما يزيد الأعباء على الشركات ويقلل من تنافسيتها، وقد كشف المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة أنَّ نسبة التنازل عن الحصيلة الدولارية وصلت إلى 60%.
مصر تطلق مرحلة جديدة من برنامج الطروحات في 2025 .. اطّلع عليها بالتفاصيل!
مخاوف المصدرين من نسب التنازل عن الحصيلة الدولارية
أشارت مي حلمي، المدير التنفيذي للمجلس التصديري للصناعات الهندسية، إلى أنَّ البرنامج الجديد لا يتوافق مع خطط الحكومة الطموحة لزيادة الصادرات. وأوضحت أنَّ نسبة التنازل عن الحصيلة الدولارية للقطاع تبلغ 40%، وهي النسبة الأدنى بين القطاعات، لكنَّها تُعتبر غير كافية لتحقيق أهداف النمو المنشود.
ويرى المجلس التصديري للحاصلات الزراعية أنَّ التنازل عن 75% من الحصيلة الدولارية يشكل عبئًا كبيرًا على المصدرين، خاصةً مع خفض الدعم المخصص للمعارض الخارجية والنقل إلى أفريقيا. وأضاف أنَّ التوجه الحكومي نحو زيادة الصادرات يتطلب تقديم حوافز إضافية للمصدرين لمواجهة التحديات المتزايدة.
وكشف المجلس التصديري للصناعات الغذائية أنَّ الحكومة طلبت التنازل عن 60% من الحصيلة الدولارية للشركات المصدرة، ورغم تحفظ المجلس على إبداء تعليقات رسمية بشأن البرنامج، فإنَّ الشركات أعربت عن اعتراضها، مشيرةً إلى أن التعديلات تُمثل أعباء إضافية عليها.
فرص التنمية الاقتصادية في ظل برنامج دعم الصادرات الجديد
أكد جمال السمالوطي، رئيس غرفة صناعة الجلود، أن برنامج دعم الصادرات الجديد الذي أعلنته الحكومة يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة الصادرات المصرية في الأسواق العالمية، لكنه يحتاج إلى مراجعات شاملة لتجاوز التحديات التي تواجه المصدرين.
وأوضح السمالوطي أن البرنامج يركز على زيادة القيمة المضافة للصادرات، حيث تتحدد نسب المساندة وفقًا لمستوى القيمة المضافة، بشرط ألا تقل عن 35%. ورغم ذلك، توجد استثناءات تشمل الحرف اليدوية، الحاصلات الزراعية، الصناعات النسيجية، والأثاث، ما قد يعوق استفادة بعض القطاعات من الدعم بالشكل المطلوب.
وأشار إلى أن تخصيص نسب دعم إضافية تصل إلى 15% للشركات المنتجة في المناطق الحدودية والصعيد يمثل خطوة إيجابية لتشجيع التنمية الاقتصادية في هذه المناطق. لكنه شدد على أهمية متابعة مدى فعالية هذه الخطوة في زيادة الإنتاجية والتصدير.
اقرأ أيضًا: هل يحقق الدعم النقدي في مصر أهدافه؟
تعزيز النفاذ إلى الأسواق الأفريقية
أشاد السمالوطي بتخصيص دعم إضافي بنسبة 15% للصادرات إلى أفريقيا، بالإضافة إلى مساندة النقل بحد أقصى 350 جنيهًا للطن، مؤكّدًا أنَّ هذه الخطوات تدعم تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الأفريقية، لكنَّها قد لا تكون كافية لمواجهة تحديات النقل المرتفعة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ”Econ-Pedia“، أنَّ تخصيص نسبة إضافية قدرها 6% من الدعم للمنتجات الحاملة لعلامات تجارية مصرية يُعزز من قيمة المنتجات الوطنية.
لكنَّه أعرب عن قلقه من تخفيض نسبة مساندة المشاركة في المعارض من 60% إلى 40%، معتبرًا أنَّ ذلك يحد من قدرة الشركات على التوسع في الأسواق العالمية، خاصةً في ظل الحاجة الملحة لزيادة الصادرات.
التحديات الرئيسة التي تواجه البرنامج
أوضح السمالوطي أنَّ البرنامج يواجه عدة تحديات أبرزها:
- تقليص نسب المساندة التصديرية: تخفيض نسب الدعم بنسبة تصل إلى 70% مقارنة بالبرامج السابقة يضعف قدرة المصدرين على المنافسة عالميًا.
- ارتفاع نسب التنازل عن الحصيلة الدولارية: فرض نسب تصل إلى 70% للتنازل عن الحصيلة الدولارية في بعض القطاعات يمثل ضغطًا ماليًا كبيرًا على الشركات.
- ضعف دعم المعارض الخارجية: تخفيض دعم المعارض يؤثر على قدرة الشركات على النفاذ إلى أسواق جديدة.
- تحديات آلية رد الأعباء: آلية الدفع المسبق واسترداد الأعباء لاحقًا غير مناسبة للعديد من القطاعات، خاصةً الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني من نقص السيولة.
- قصور في تمويل النقل والشحن: تخصيص 2 مليار جنيه لدعم شحن الصادرات إلى أفريقيا، و350 مليون جنيه لدعم الشحن الجوي خطوة جيدة، لكنَّها قد لا تغطي التكاليف المتزايدة للنقل، خاصةً مع ارتفاع أسعار الوقود وأزمات سلاسل الإمداد.
اقرأ أيضا: كيف تؤثر حرب سوريا على الاقتصاد المصري؟
التعديلات المطلوبة لتحقيق أهداف البرنامج
طالب السمالوطي الحكومة بمراجعة البرنامج بشكل شامل وتقديم حوافز إضافية لدعم القطاعات الكبرى والصغيرة على حد سواء. كما دعا إلى تحسين آليات صرف الدعم وزيادة المرونة في السياسات الحكومية لتلبية احتياجات المصدرين، وتحقيق أهداف النمو المستدام للصادرات.
علاوةً على ذلك، أكَّد أنَّ تحقيق هدف الوصول إلى 145 مليار دولار من الصادرات بحلول عام 2030 يتطلب تضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص، مع التركيز على إزالة العقبات التي تواجه المصدرين وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية.
اقرأ أيضًا: مصر والمغرب تقودان الاستثمارات الأجنبية المباشرة في 2025