ترامب والعملات المشفرة.. مرحلة جديدة من التفاؤل والفرص
تقرير: باسل محمود
في واحدة من أبرز الفعاليات، في صناعة العملات المشفرة، اجتمع عدد من كبار الشخصيات في مؤتمر “بتكوين مينا 2024” في أبوظبي، حيث كانت الأضواء مسلطة على إريك ترامب، الابن الثاني للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
أمام جمهور مكون من رواد صناعة عملات الكريبتو، أكد إريك أن والده سيصبح “أكثر رئيس داعم للعملات المشفرة” في تاريخ الولايات المتحدة.
التصريحات التي أطلقها إريك ترامب تعكس تحولًا جوهريًا في موقف الرئيس المنتخب تجاه العملات المشفرة، حيث يعكف على إعداد استراتيجية لدعم هذا القطاع الذي شهد تقلبات حادة في السنوات الأخيرة.
بعد سلسلة من الهجمات التي تعرضت لها صناعة العملات المشفرة من قبل الحكومة الأميركية في السنوات الماضية، بما في ذلك التهديدات بالرقابة التنظيمية المشددة، يراهن ترامب على تقديم دعم سياسي يغير ملامح هذا القطاع.
وعد بتطوير صناعة العملات المشفرة
خلال حملته الانتخابية، كان لدى ترامب وعد واضح تجاه صناعة العملات المشفرة، فقد أشار إلى ضرورة تحويل بيتكوين إلى “أصل احتياطي” بما يعزز قيمتها كمخزون استراتيجي للولايات المتحدة.
اقرأ أيضا: اشتعال سوق العملات المشفرة بسبب ترامب: بتكوين يتصدر المشهد
في الوقت ذاته، أشار إلى إنشاء مجلس استشاري لعملات الكريبتو تحت إشرافه، مما يفتح المجال لمزيد من التنظيم الذي قد يشجع على تدفق الاستثمارات.
ترامب لا يقتصر على الدعم العاطفي للعملات المشفرة فقط، بل يضع خططًا ملموسة للنهوض بها.
على سبيل المثال، أعلن عن نيته لشراء كميات كبيرة من بيتكوين لتأمين مكانتها كأصل احتياطي، مما قد يساهم في تقوية السوق المشفرة وتقليل التقلبات في أسعار عملات الكريبتو.
هذا التصريح حظي بدعم واسع من المستثمرين الذين يرون فيه دفعة قوية نحو تيار رئيسي للعملات المشفرة.
إريك ترامب، في تصريحاته أمام المؤتمر، أكد أيضًا أن عائلته كانت قد تعرضت إلى هجمات متواصلة من قبل الحكومة الأميركية على مر السنوات، وهو ما دفعهم إلى الاقتراب من صناعة عملات الكريبتو.
قال: “لقد جعلوا حياتنا بائسة، لكن لولا هذه الهجمات، لما اكتشفنا هذا القطاع الذي أصبح يشكل أملًا للعديد من الناس”.
الانتعاش الكبير في العملات المشفرة
منذ انهيار بورصة “إف تي إكس” في نهاية 2022، مر قطاع الكريبتو بتقلبات شديدة جعلت العديد من المستثمرين يشككون في استدامة هذه الصناعة.
في ذلك الوقت، تراجع سعر بيتكوين إلى 16 ألف دولار، مما دفع الكثير من الشركات الكبرى والمستثمرين المؤسسيين إلى الابتعاد عن السوق خوفًا من المخاطر المحتملة.
لكن مع تقدم العام 2024، بدأ السوق يشهد انتعاشًا لافتًا.
تجاوزت بيتكوين حاجز 100 ألف دولار لأول مرة في تاريخه، وهو ما أدى إلى تجديد التفاؤل بين المستثمرين.
يعزو العديد من المحللين هذا الانتعاش إلى عدة عوامل رئيسية، منها التصريحات السياسية من جانب ترامب، وكذلك الانفتاح المتزايد على عملات الكريبتو من قبل المؤسسات المالية الكبرى.
تنظيم العملات المشفرة
على الرغم من التفاؤل الذي يعم السوق، فإن صناعة العملات المشفرة ما تزال بحاجة إلى إطار تنظيمي واضح يوفر الحماية القانونية للمستثمرين.
اقرأ أيضا: البتكوين تفقد توازنها وبريقها يخفت
يشير المستثمرون التنفيذيون في هذا القطاع إلى أنهم بحاجة إلى قواعد تنظيمية محددة تميز بين الرموز المشفرة التي تُعتبر أوراقًا مالية، والتي تخضع لقوانين صارمة، وتلك التي ليست كذلك.
في هذا السياق، يعتبر غاريسون جاريسون، مدير تنفيذي في إحدى الشركات الرائدة في هذا القطاع، أن صناعة العملات المشفرة بحاجة إلى “قواعد واضحة يجب اتباعها” حتى لا تواجه الشركات أو المستثمرين أي صعوبات قانونية.
أوضح أنه إذا كانت هذه القواعد محددة بوضوح، فسيشعر المستثمرون بثقة أكبر في استثماراتهم، مما يعزز من استقرار السوق.
تعتبر واحدة من القضايا الساخنة في الأوساط المالية هو المطالبة بإلغاء قاعدة SAB 121، التي تفرض على الشركات التي تحتفظ بالرموز المشفرة للعملاء أن تعالجها كالتزامات في ميزانياتها العمومية.
هذه القاعدة قد جعلت البنوك الكبرى على وول ستريت حذرة في التعامل مع هذه الأصول، وهو ما أبطأ من نمو السوق في السنوات الأخيرة.
بالرغم من أن الكونغرس الأميركي أقر بإلغاء هذه القاعدة في الصيف الماضي، فإن القرار تم نقضه من قبل إدارة الرئيس بايدن.
الآن، يعلق التنفيذيون في قطاع العملات المشفرة آمالهم على ترامب للموافقة على إلغاء هذه القاعدة، مما قد يفتح الباب أمام مزيد من البنوك الكبرى للاستثمار في السوق.
المؤسسات المالية الكبرى تدخل السوق
ومع التحسن التدريجي في الظروف التنظيمية، بدأنا نرى تحولًا في موقف المؤسسات المالية الكبرى تجاه العملات المشفرة.
في عام 2024، وافقت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) على إطلاق صناديق الاستثمار المتداولة للبيتكوين والإيثيريوم، وهي خطوة فارقة نحو جذب المزيد من الأموال المؤسسية إلى السوق.
من أبرز هذه المؤسسات “بلاك روك”، عملاق صناديق الاستثمار، الذي أطلق صندوقًا للبيتكوين وحقق نجاحًا ملحوظًا في جذب الاستثمارات.
اقرأ أيضا: أميركا تمنح الضوء الأخضر لصناديق البتكوين
يعتقد الخبراء أن صناديق مثل هذه ستساهم في إدخال موجة جديدة من الاستثمارات المؤسسية إلى السوق المشفرة، مما يعزز من استقرارها ويزيد من سيولتها.
تبع هذا التحول دخول صناديق تقاعد مثل مجلس استثمار ولاية ويسكونسن ونظام التقاعد لولاية ميشيغان في سوق هذه العملات، ما يوضح كيف أصبح البيتكوين يشق طريقه نحو التيار السائد بين كبار المستثمرين.
القلق من التقلبات
مع النمو المطرد في السوق، تزايدت المخاوف من أن التقلبات الحادة في أسعار العملات المشفرة قد تشكل تهديدًا حقيقيًا للنظام المالي العالمي.
تعتبر “الاستابل كوين” من أبرز أنواع هذه العملات التي تثير القلق بين المنظمين، كونها مرتبطة بالعملات التقليدية مثل الدولار، فإن انهيار نظام الاستابل كوين قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الأسواق المالية التقليدية.
يعتقد الخبراء أن زيادة الربط بين العملات المشفرة والنظام المالي التقليدي قد يعرض الأسواق لمخاطر أكبر.
في حالة حدوث أزمة مالية كبيرة في السوق الرقمي، قد تتسارع المخاطر النظامية، مما يؤدي إلى تداعيات غير متوقعة على الأسواق المالية التقليدية.
أشار براساد، إلى أن “أي انهيار في الاستابل كوين قد يؤدي إلى سلسلة من الأحداث التي تؤثر بشكل كبير على النظام المالي التقليدي”.
مرحلة جديدة بين العملات المشفرة والحكومة
في ظل هذه التحولات السياسية والتنظيمية، بات من الواضح أن هذه الصناعة تدخل مرحلة جديدة من التفاؤل، خاصة مع الدعم المحتمل من الحكومة الأميركية.
يعد هذا التحول في السياسة بمثابة دعوة للمستثمرين والمؤسسات المالية الكبرى للانخراط بشكل أعمق في هذه الصناعة، وهو ما يعزز من احتمالات نمو السوق.
في الوقت الذي يتم فيه تعزيز التنظيمات، يأمل العديد من المستثمرين أن تظل البيئة التنظيمية مرنة بما يكفي لتشجيع الابتكار والنمو في السوق.
مع توقع أن تكون 2025 عامًا حاسمًا في تحديد مسار السوق، يبقى المستقبل غامضًا، لكنه مليء بالفرص والتحديات على حد سواء.
اقرأ أيضا: مليونيرات العملات المشفرة.. مواطنة بلا حدود
تابعنا على صفحتنا على فيسبوك