مصر تُعزِّز مناخ الاستثمار بتعديلات جذرية في قانون سوق رأس المال
يُمثل تعديل قانون سوق رأس المال خطوة محورية في جهود الحكومة المصرية لتعزيز بيئة الاستثمار وتوفير مناخ أكثر جاذبية لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية؛ ففي ظلّ التحديات الاقتصادية العالمية، تسعى الدولة إلى تهيئة سوق المال ليكون أكثر كفاءة ومرونة، مما يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة. وتأتي هذه التعديلات بهدف إزالة العوائق التشريعية التي تواجه صناديق الاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر، باعتبارها أدوات مالية رئيسة لدعم المشروعات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة.
مجلس الشيوخ يوصي بتعديل قانون سوق رأس المال
أكَّد مجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، أهمية تعديل قانون سوق رأس المال، وذلك بناءً على تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية والاستثمار، بالتعاون مع مكتب لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية. جاء ذلك خلال الجلسة العامَّة لمجلس الشيوخ، حيث تمَّت مناقشة دراسة الأثر التشريعي للمادة (29) من القانون رقم (95) لسنة 1992، والتي تتعلق بإصدار قانون سوق رأس المال، وتأثيرها على نشاطي الاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر.
كما شملت الدراسة بحث المادتين (46 مكررًا 2) و(50) من قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 2005، فيما يخص الحوافز والمعاملات الضريبية المرتبطة بهذه الأنشطة. وخلال الجلسة، قرَّر رئيس مجلس الشيوخ إحالة التقرير والمناقشات والتوصيات إلى رئيس الجمهورية لاتِّخاذ ما يلزم من إجراءات.
وشملت الدراسة مجموعة من التوصيات، أبرزها تعديل التشريعات الحالية للسماح بتأسيس صناديق رأس المال المخاطر في شكل شركات توصية بسيطة أو شركات ذات مسؤولية محدودة، مع إلزام مديري الاستثمار بالحصول على ترخيص من الهيئة العامة للرقابة المالية.
تعزيز صناديق الاستثمار ورأس المال المخاطر
وفقًا لقانون سوق رأس المال، فإنَّ صناديق الاستثمار المباشر وصناديق رأس المال المخاطر التي تُعرف بصناديق الملكية الخاصة، تعد صناديق استثمار مغلقة تستثمر أموالها في شراء الأوراق المالية المقيدة وغير المقيدة في البورصة. وتتيح هذه الصناديق الفرصة لمزاولة نشاط رأس المال المخاطر، ويتم طرح وثائقها طرحًا خاصًا، مع إمكانية قيدها رسميًا.
كما أوصت اللجنة البرلمانية المشتركة بضرورة إزالة العوائق التشريعية التي تحول دون تأسيس صناديق الاستثمار المباشر وصناديق الملكية الخاصة، وذلك بما يتماشى مع أفضل الممارسات الدولية. وأكَّدت اللجنة على ضرورة تحسين المعاملة الضريبية لهذه الأنشطة عبر تعديل المادتين (46 مكررًا 2) و(50) من قانون الضريبة على الدخل، بحيث يتم إدراج أنشطة الاستثمار المباشر بوضوح ودقة ضمن الإطار الضريبي.
كما شددت اللجنة على ضرورة توحيد معاملة الأرباح الناتجة عن بيع الحصص في الشركات المستثمر فيها، سواء كانت هذه الشركات مدرجة في البورصة أو غير مدرجة، بما يحقق العدالة الضريبية بين المستثمرين. وفي سياق متصل، دعت اللجنة إلى إجراء تعديلات على اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال، وذلك عبر تقديم تفاصيل أكثر دقة حول خدمات إدارة صناديق الملكية الخاصة ورأس المال المخاطر، بما يضمن وضوح الأطر التنظيمية لهذه الأنشطة.
واقترحت اللجنة كذلك توفير مرونة أكبر في آليات استدعاء رأس المال، بحيث يتم تبنّي إجراءات تتناسب مع طبيعة هذه الاستثمارات، بدلاً من التقيُّد باللوائح الحالية الخاصة بشركات المساهمة.
وفي هذا الإطار، أكَّدت اللجنة المشتركة أنَّ توصياتها تأتي في إطار استراتيجية الدولة الهادفة إلى تعزيز بيئة الأعمال، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، حيث يُعتبر قطاعا الاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر من الركائز الأساسية لتحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
تحسين بيئة الاستثمار
من المتوقع أن تُسهم هذه التعديلات في تعزيز ثقة المستثمرين بالسوق المصري، وتشجيع الابتكار، ودعم ريادة الأعمال، بما ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد المحلي ويُعزِّز مكانة مصر كمركز استثماري إقليمي ودولي.
وفي هذا السياق، أكَّدت آمال سليمان، خبيرة أسواق المال، أنَّ موافقة مجلس الشيوخ المصري على تعديلات قانون سوق رأس المال تمثل خطوة هامَّة نحو تحسين بيئة الاستثمار في البلاد وتعزيز جاذبية السوق أمام المستثمرين المحليين والأجانب.
وأوضحت سليمان في تصريحات خاصة لـ”Econ-Pedia” أنَّ هذه التعديلات تهدف إلى إزالة العقبات التشريعية التي تواجه صناديق الاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر، مما يُسهم في تنشيط سوق المال المصري وزيادة تدفقات رؤوس الأموال إلى المشروعات الواعدة.
وأشارت إلى أنَّ دراسة الأثر التشريعي للمادة 29 من قانون سوق رأس المال، إلى جانب المواد المتعلقة بالمعاملات الضريبية، تعكس اهتمام الدولة بتعزيز مناخ الاستثمار وتقديم حوافز تشريعية وضريبية أكثر مرونة.
وأضافت أنّ تعديل التشريعات للسماح بتأسيس صناديق رأس المال المخاطر في شكل شركات توصية بسيطة أو شركات ذات مسؤولية محدودة، مع اشتراط حصول مديري الاستثمار على ترخيص من الهيئة العامة للرقابة المالية، سيمنح المستثمرين ثقة أكبر في هذه الصناديق وسيُسهم في توسيع قاعدة التمويل المتاحة للمشروعات الناشئة.
تعديلات اللائحة التنفيذية
شدَّدت الخبيرة على أنَّ صناديق الاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر تلعب دورًا رئيسًا في دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تُوَفِّر لها التمويل اللازم للنمو والتوسع. وأكَّدت أنَّ إدراج أنشطة الاستثمار المباشر ضمن قانون الضريبة على الدخل بشكل واضح سيُساعد على تحسين المعاملة الضريبية لهذه الصناديق، مما يجعل بيئة الاستثمار أكثر تنافسية.
كما لفتت إلى أهميّة توحيد المعاملة الضريبية للأرباح الناتجة عن بيع الحصص في الشركات، سواء كانت هذه الشركات مُقيدة في البورصة أو غير مُقيدة، لضمان تحقيق العدالة الضريبية وتعزيز الثقة في السوق.
وأوضحت أنَّ تعديلات اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال يجب أن تتضمن تفصيلًا دقيقًا لخدمات إدارة صناديق الملكية الخاصة ورأس المال المخاطر، بالإضافة إلى توفير مرونة أكبر في آليات استدعاء رأس المال، وهو ما يختلف عن الإجراءات التقليدية المطبقة في شركات المساهمة.
ومن ناحية أخرى، أشارت الخبيرة إلى أنَّ هذه التعديلات تعكس استراتيجية الدولة لتعزيز بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصةً أنَّ قطاع الاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر يُعد من الركائز الأساسية التي تساعد في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.
وأكَّدت أنَّ هذه الخطوات ستُسهم في تعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، حيث إنّها توفر إطارًا قانونيًا وماليًا أكثر وضوحًا واستقرارًا، مما يشجع على ضخ مزيد من الاستثمارات في السوق المحلية.
ومن جهتها، تتوقَّع الخبيرة أن تُؤدي هذه التعديلات إلى دعم الابتكار وريادة الأعمال، حيث ستُتيح تمويلًا أكثر مرونة للمشروعات الجديدة، ما يُعزز من قدرة الاقتصاد المصري على النمو في ظل التحديات الاقتصادية العالمية.
إصدار السندات الدولية: اطّلع على خطوات مصر لتعزيز التمويل والاقتصاد