رد الاتحاد الأوروبي على رسوم ترامب: 26 مليار يورو على سلع أمريكية

أعلن الاتحاد الأوروبي عن فرض رسوم جمركية مضادة على سلع أميركية بقيمة 26 مليار يورو (28.33 مليار دولار) اعتبارًا من الشهر المقبل، وذلك ردًا على الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة على واردات الصلب والألمنيوم، وجاء هذا الإعلان في بيان صادر عن المفوضية الأوروبية اليوم الأربعاء، 12 مارس، في خطوة تزيد من التوترات بين الحليفين التقليديين.

يبدو أنّ الحرب التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تتجه إلى تصعيد جديد، مع فرض رسوم جمركية متبادلة قد تؤثر في الاقتصاد العالمي، وبينما يسعى كل طرف لحماية مصالحه، يبقى السؤال: هل ستصل الأمور إلى تسوية دبلوماسية، أم ستكون هناك مواجهة اقتصادية طويلة الأمد؟

رد أوروبي قوي على القرار الأمريكي

بعد ساعات فقط من إعلان الإدارة الأمريكية عن فرض رسوم جمركية جديدة على واردات الصلب والألمنيوم، جاء الرد الأوروبي سريعًا، حيث أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أنَّ الاتحاد الأوروبي لن يقف مكتوف الأيدي، وسيتخذ إجراءات لحماية المستهلكين والشركات الأوروبية.

وأوضحت أنَّ الإجراءات المضادة التي تم الإعلان عنها اليوم ستكون “قوية، لكن متناسبة”، مشيرةً إلى أنَّ الرسوم الأوروبية الجديدة ستشمل منتجات أمريكية مثل الويسكي، والدراجات النارية، والقوارب، وستُطبق اعتبارًا من 1 أبريل المقبل.

ووفقًا لتقديرات المفوضية الأوروبية، فإنَّ الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة ستؤثر على صادرات الاتحاد الأوروبي بقيمة 26 مليار يورو، أي حوالي 5% من إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، كما أشارت إلى أنّ هذا القرار سيجبر المستوردين الأمريكيين على دفع ما يصل إلى 6 مليارات يورو إضافية كرسوم جمركية.

وبالمقارنة مع الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فإن الإجراءات الجديدة تعتبر أكثر صرامة، حيث تبلغ أربعة أضعاف الرسوم السابقة التي فرضت على صادرات الصلب الأوروبية.

اقرأ أيضًا: تهديد ووعيد من قادة الاتحاد الأوروبي لترامب بسبب الرسوم الجُمركية

ترامب يُعيد فرض رسوم بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم

تدخل الرسوم الأمريكية الجديدة حيِّز التنفيذ عند منتصف ليل الأربعاء، حيث فرضت إدارة ترامب رسومًا بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم من جميع الدول، دون أي استثناءات أو إعفاءات.

وكان ترامب قد وقَّع القرار في 10 فبراير، مشيرًا إلى أنَّ الهدف من هذه الخطوة هو حماية الصناعات الأمريكية، إلَّا أنَّ خبراء اقتصاديين حذروا من أن هذه الرسوم ستؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج في الولايات المتحدة، مما سينعكس على المستهلكين.

ومن المتوقع أيضًا أن تؤدي هذه التطورات إلى تصعيد إضافي في النزاع التجاري بين الولايات المتحدة وأوروبا، حيث قد يلجأ الطرفان إلى إجراءات انتقامية متبادلة.

وفي هذا السياق، صرَّح كلارك باكارد، الباحث في معهد كاتو، بأن زيادة الرسوم الجمركية ستظهر سريعًا في أسعار السلع الأساسية، متوقعًا ارتفاع تكاليف صناعة السيارات والبناء والأجهزة المنزلية، وهو ما قد يؤثر بشكل مباشر على المستهلك الأمريكي.

وعلّقت الدكتورة شيماء وجيه، أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحري، على التطورات الأخيرة في النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مؤكدةً أن فرض رسوم جمركية متبادلة بين الطرفين قد يؤدي إلى تصعيد اقتصادي خطير يؤثر على الأسواق العالمية.

هل تصل الحرب التجارية بين أمريكا وأوروبا إلى نقطة اللاعودة؟

أوضحت الدكتورة شيماء وجيه أنَّ قرار الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية على سلع أمريكية هو رد مباشر على الرسوم الأمريكية الجديدة التي استهدفت واردات الصلب والألمنيوم الأوروبية. وأضافت: “الاتحاد الأوروبي يتخذ موقفًا دفاعيًا لحماية مصالحه الاقتصادية، خاصةً أنَّ هذه الرسوم تؤثر على قطاعات صناعية حيوية داخل أوروبا، لكنّ التصعيد من الجانب الأمريكي يأتي استمرارًا لنهج الحماية التجارية الذي تتبناه الإدارة الأمريكية”.

وأكدت أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للنقل البحري أنَّ هذه الإجراءات سيكون لها تداعيات خطيرة على الاقتصاد العالمي، قائلة: “التوترات التجارية بهذا الحجم قد تؤدي إلى اضطرابات في سلاسل التوريد العالمية، مما يزيد من تكاليف الإنتاج على الشركات، ويرفع أسعار المنتجات النهائية للمستهلكين، وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من الضغوط التضخمية“.

وأشارت إلى أنَّ فرض رسوم على الصلب والألمنيوم الأمريكي قد ينعكس سلبًا على القطاع الصناعي في الولايات المتحدة؛ حيث سترتفع تكاليف الإنتاج، مما قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة البطالة في بعض الصناعات الثقيلة.

الرسوم الجمركية وتأثيرها على الأسواق المالية

قالت الدكتورة شيماء وجيه: “الأسواق العالمية تتفاعل بحساسية شديدة مع مثل هذه النزاعات، وقد شهدنا بالفعل تراجعات في مؤشرات أسواق المال، مع تزايد إقبال المستثمرين على الملاذات الآمنة مثل الذهب والدولار، وفي حال استمرت هذه الأزمة، فقد نرى مزيدًا من التقلبات في البورصات العالمية.”

ورأت أستاذ الاقتصاد أن التصعيد الحالي يعيد إلى الأذهان الحرب التجارية التي أشعلها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2018، لكنه هذه المرة يحمل أبعادًا أوسع. وأوضحت: “ما نشهده اليوم هو تصعيد أكبر مقارنة بحرب الرسوم الجمركية في عهد ترامب، حيث إنَّ حجم الرسوم المفروضة حاليًا يعادل أربعة أضعاف ما تمَّ فرضه سابقًا، وهذا يزيد من احتمالات استمرار الأزمة لفترة أطول، مما قد يؤثر على النمو الاقتصادي العالمي”.

الحلول المطروحة للخروج من الأزمة

أكَّدت الدكتورة شيماء وجيه أهمية العودة إلى طاولة المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، قائلة: “البديل الأمثل هو التوصُّل إلى تسوية عبر المفاوضات الثنائية، أو من خلال منظمة التجارة العالمية، لتجنب الدخول في دوامة من الإجراءات الانتقامية التي قد تضر بالجميع؛ حيث يُمكن للطرفين التوصل إلى حلول وسط، مثل منح إعفاءات لبعض القطاعات الصناعية أو تقديم تعويضات للشركات المتضررة”.

واختتمت الدكتورة شيماء وجيه تصريحاتها بالتأكيد على أنَّ أيّ تصعيد إضافي في الحرب التجارية بين القوتين الاقتصاديتين قد يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي، وزيادة التوترات المالية، مما يستدعي تحركات عاجلة من صناع القرار لتفادي أزمة اقتصادية عالمية جديدة.

اقرأ أيضًا: خسائر حادة في “وول ستريت” وسط مخاوف الركود والرسوم الجمركية

تابعنا على صفحتنا على فيسبوك

تابعنا أيضًا على صفحتنا على إنستغرام

أخبار ذات صلة