هل يمكن لسندات الخردة أن تكون استثمارك القادم؟

تُعد السندات من أدوات الدين الأساسية التي تلجأ إليها الشركات للحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشاريعها التوسعية أو تغطية احتياجاتها المالية، ومن بين هذه الأدوات تبرز سندات الخردة كخيار مهم ومحفوف بالمخاطر، لكنّها في الوقت نفسه توفر فرصًا للمستثمرين الذين يسعون إلى تحقيق عوائد مرتفعة مقابل تحمل المخاطر.

في هذا المقال، سنتناول مفهوم سندات الخردة وأهم أنواعها، بالإضافة إلى الجهات التي تصدرها والمستثمرين الذين يشترونها، كما سنستعرض مزايا هذه السندات والمخاطر التي يجب أن يضعها المستثمر في الحسبان قبل اتخاذ قراره الاستثماري.

ما هي سندات الخردة؟

سندات الخردة هي نوع من السندات التي تصدرها الشركات ذات التصنيف الائتماني المنخفض، والذي يُعتبر غير مستقر أو يعاني من احتمالات عالية للعجز عن السداد، ويُطلق عليها مصطلح “خردة” لأنها تمثل خطرًا أكبر بالنسبة للمستثمرين مقارنة بالسندات ذات التصنيف الائتماني الأعلى؛ حيث يتم تصنيف السندات الائتمانية من قبل وكالات التصنيف الائتماني مثل “موديز” و”ستاندرد آند بورز”، وفي حالة تصنيف السند بأقل من درجة الاستثمار، أي بدرجة “BB+” أو أقل، يتم تصنيفه على أنه سند خردة.

ورغم المخاطر المرتفعة، توفر سندات الخردة فرصًا لعوائد مرتفعة، حيث يعوض العائد المرتفع المستثمرين عن تحملهم هذا الخطر، وقد تكون جذابة للمستثمرين الذين يسعون لتحقيق عوائد أكبر في فترة قصيرة، ولكنهم بحاجة إلى تحليل دقيق للمخاطر المرتبطة بهذه الاستثمارات.

أنواع سندات الخردة

هناك عدة أنواع من سندات الخردة تختلف في هيكلها وشروطها، من بينها:

  • السندات غير المضمونة (Unsecured Junk Bonds)

هذا النوع لا يتم تأمينه بضمانات أو أصول معينة من قبل الشركة المصدرة، وتكون مخاطر استثمارها أعلى نسبيًا نظرًا لعدم وجود ضمانات تأمين لحملتها.

  • السندات المضمونة (Secured Junk Bonds)

تكون هذه السندات مؤمنة بأصول أو ضمانات معينة من قبل الشركة المصدرة، ويتم استخدام الأصول المؤمنة كضمان لسداد الديون في حالة الإفلاس أو التخلف عن السداد.

  • السندات القابلة للتحويل (Convertible Junk Bonds)

تتيح هذه السندات لحاملها فرصة تحويلها إلى أسهم في الشركة المصدرة بسعر محدد في فترة محددة، وتعتبر خيارًا جذابًا للمستثمرين الذين يرغبون في المشاركة في النمو المستقبلي للشركة بالإضافة إلى الاستثمار في الديون.

  • السندات ذات الفائدة المتغيرة (Variable-Rate Junk Bonds):

تتغير عوائد هذه السندات وفقًا لمؤشر مرجعي مثل سعر الفائدة الأساسي، ما يجعلها أقل تأثرًا بتقلبات السوق مقارنة بالسندات ذات العائد الثابت.

  • السندات ذات التصنيف المزدوج (Double-B-rated Junk Bonds):

تحمل تصنيفين ائتمانيين منخفضين لكنها قد تمثل فرصة استثمارية جذابة للمستثمرين الباحثين عن توازن معقول بين العائد المرتفع والمخاطرة.

تعرّف أيضًا إلى سندات البلدية بأنواعها المختلفة

من يصدر سندات الخردة؟

تُصدر سندات الخردة عادةً من قبل الشركات أو الكيانات التي تواجه صعوبات مالية أو تحتاج إلى تمويل إضافي لتمويل أنشطتها التشغيلية أو المشاريع التوسعية، وهذه الشركات قد تكون ذات تصنيفات ائتمانية منخفضة نسبيًا، مما يجعلها غير قادرة على الحصول على تمويل من مصادر تمويل تقليدية مثل البنوك، أو يمكنها أن تحصل على التمويلات لكن بتكلفة مرتفعة، ومن بين الجهات التي تصدر سندات الخردة:

  • الشركات الناشئة والصغيرة: غالبًا ما تحتاج هذه الشركات إلى تمويل خارجي للنمو أو لتغطية التكاليف التشغيلية، وتلجأ إلى سندات الخردة بسبب صعوبة الحصول على قروض تقليدية.
  • الشركات ذات التصنيف الائتماني المنخفض: قد تكون هذه الشركات تمر بأزمات مالية أو مراحل تحول، ما يجعل تصنيفها منخفضًا ويدفعها لإصدار سندات ذات عوائد مرتفعة لجذب المستثمرين.
  • الشركات في الصناعات عالية المخاطر: بعض الصناعات مثل الطيران، والبناء، والطاقة تتطلب استثمارات كبيرة وقد تصدر هذا النوع من السندات لتوفير التمويل اللازم لهذه الاستثمارات.
  • الشركات في القطاعات الصناعية الناضجة: حتى الشركات التي تعمل في القطاعات الصناعية الناضجة قد تواجه تحديات مالية، وبالتالي قد تقوم بإصدار هذه السندات للحصول على التمويل اللازم.

اقرأ أيضًا: لماذا تصدر الشركات السندات؟

من يشتري سندات الخردة؟

يشتري سندات الخردة عادةً المستثمرون الذين يبحثون عن عوائد أعلى مقارنة بعوائد السندات ذات التصنيف العالي، منهم:

  • صناديق الاستثمار والمؤسسات المالية: تشتري الصناديق الاستثمارية والبنوك وشركات التأمين وغيرها من المؤسسات المالية هذه السندات كجزء من استراتيجياتها لتنويع المحفظة وزيادة العائدات.
  • المستثمرون الأفراد: بعض المستثمرين الأفراد ذوو الخبرة والمعرفة العالية ينجذبون إليها بفضل عوائدها المرتفعة رغم إدراكهم للمخاطر المرتبطة بها.
  • المضاربون: يستفيدون من تقلبات أسعار هذه السندات لتحقيق أرباح قصيرة الأجل.

اقرأ أيضًا: كيف تشتري السندات الحكومية؟

أماكن تداول سندات الخردة

يتم تداول سندات الخردة في عدة منصات وأسواق مالية، تشمل:

  • البورصات العالمية الكبرى

يمكن تداولها في بورصات الأوراق المالية الرئيسية مثل بورصة نيويورك وبورصة لندن وبورصة طوكيو، ويتم تنظيم تداول السندات في هذه البورصات وفقًا للقواعد والتنظيمات المحلية والدولية.

  • الأسواق الثانوية الخاصة

يمكن أن تكون هناك أسواق ثانوية خاصة متخصصة في تداول السندات الخردة بمختلف أنواعها، وغالبًا ما تكون أقل تنظيمًا من البورصات الرئيسية، وتعتمد على الاتفاقيات بين المشترين والبائعين.

  • سوق السندات الثانوي

يتم تداول سندات الخردة في السوق الثانوية للسندات، حيث يتم عقد المعاملات بين الأفراد والمؤسسات من خلال وسطاء الأوراق المالية، علمًا أنّ هذا السوق يتمتع بمرونة أكبر، ويمكن للمستثمرين الوصول إليه بسهولة من خلال وسطاء السوق المالية.

  • منصات التداول الإلكترونية

توفر بعض المنصات الإلكترونية إمكانية التداول في سندات الخردة، حيث يمكن للمستثمرين تنفيذ الصفقات عبر الإنترنت بسهولة وسرعة.

  • صناديق الاستثمار المشتركة والمتداولة (ETFs)

يمكن أن تشتمل بعض صناديق الاستثمار المتداولة وصناديق الاستثمار المشترك على سندات الخردة في محفظتها، حيث يمكن للمستثمرين شراء وبيع أسهم هذه الصناديق للمشاركة في تداول السندات.

تعرّف إلى الفرق بين صناديق الـ ETF وصناديق الاستثمار المشترك

مزايا الاستثمار في سندات الخردة

توفر سندات الخردة مجموعة من المزايا للمستثمرين، من بينها:

  • عوائد مرتفعة: تُعد من أكثر أدوات الدين التي تمنح عائدًا مرتفعًا نسبيًا، ما يجعلها جذابة للمستثمرين الباحثين عن أرباح كبيرة.
  • فرص تنويع المحفظة: تساعد على توزيع المخاطر ضمن المحفظة الاستثمارية.
  • تعدد الخيارات: يتوفر منها أشكال مختلفة تناسب تفضيلات وأنماط المستثمرين.
  • سيولة مقبولة: خاصةً للأنواع التي تشهد طلبًا مرتفعًا في السوق.
  • إمكانية تحقيق أرباح رأسمالية: خصوصًا إذا تحسن التصنيف الائتماني للشركة المُصدِرة لاحقًا.

أبرز مخاطر سندات الخردة

يجب على المستثمرين مراعاة المخاطر المرتبطة بسندات الخردة، بما في ذلك مخاطر التعثر في السداد وتقلبات أسعار الفائدة والتقلبات الاقتصادية العامة، كما يُنصح بإجراء البحث والتقييم الجيد قبل اتخاذ قرار الاستثمار، علمًا أنّ المخاطر المرتبطة بسندات الأسهم تمثل بما يأتي:

  • مخاطر العائد والفائدة: يتأثر سعرها عكسيًا بتغيرات معدلات الفائدة، فعندما ترتفع معدلات الفائدة ينخفض سعر السندات الموجودة في السوق والعكس صحيح، مما يؤثر سلبًا على قيمتها.
  • مخاطر التسويق والسيولة: قد تتأثر قيمتها بقلة الطلب عليها في السوق الثانوية، ويمكن أن يكون هذا الأمر مشكلة، خاصة إذا كانت السوق غير سائلة ولا يمكن للمستثمرين بيع سنداتهم بسهولة.
  • مخاطر التقلبات الاقتصادية والسياسية: مثل الركود الاقتصادي أو التغيرات في السياسات الحكومية.
  • مخاطر التسويق والائتمان: قد تواجه الشركات المصدرة لها صعوبات في سداد الديون نتيجة لظروفها المالية السيئة، مما يزيد من احتمال عدم قدرتها على سداد رأس المال والفائدة على السندات.
  • مخاطر التسعير: يمكن أن يؤثر التسعير غير الصحيح على سعر السندات، مما يؤدي إلى عدم كفاية العائد المتوقع مقابل المخاطر المرتبطة بها.
  • مخاطر الإفلاس: في حالة إفلاس الشركة المصدرة لها، يمكن أن يفقد المستثمرون قيمتها بشكل كامل أو جزئي.

اقرأ أيضًا: ماذا تعرف عن السندات الزرقاء؟

العوامل المؤثرة في أدائها

هناك عدة عوامل تؤثر في سندات الخردة وتحدد قيمتها وأداءها، ومن أبرز هذه العوامل:

  • التصنيف الائتماني: يعتبر التصنيف الائتماني للسندات من أهم العوامل التي تؤثر في قيمتها، حيث يعكس تصنيف الائتمان تقييم شركة الإصدار من قبل وكالات التصنيف الائتماني بشأن قدرتها على سداد ديونها، وتتميز السندات ذات التصنيف الائتماني المنخفض بعوائد أعلى نظرًا لزيادة المخاطر.
  • معدلات الفائدة: تتأثر قيمة السندات بتغيرات معدلات الفائدة، فعندما يرتفع معدل الفائدة يقلل ذلك من جاذبية السندات الموجودة في السوق لأنها تصبح أقل جاذبية بالمقارنة مع السندات الجديدة التي تقدم عائدات أعلى.
  • التضخم: يمكن أن يؤثر التضخم على قيمة السندات عن طريق تقليل قيمتها الحقيقية، ويفضل المستثمرون الاستثمار في سندات تقدم عائدات تفوق معدل التضخم لضمان حفظ قيمة رأس المال.
  • حالة الاقتصاد العامة والسياسية: يمكن أن تؤثر التغيرات الاقتصادية والسياسية على سوق السندات وعلى عوائد السندات، على سبيل المثال، في حالة انخفاض الثقة في الاقتصاد أو السياسة قد يتجه المستثمرون إلى الأصول الآمنة مثل السندات ذات التصنيف المرتفع.
  • الأداء المالي للشركة المصدرة: يؤثر أداء الشركة المصدرة للسندات على قيمتها، حيث يرتبط أداء الشركة بقدرتها على سداد الديون وتحقيق العائدات المتوقعة.

رغم ما تحمله من مستوى مرتفع من المخاطرة، تبقى سندات الخردة خيارًا استثماريًا مغريًا للمستثمرين الباحثين عن عوائد كبيرة، شرط أن يتم التعامل معها بحذر وفهم دقيق لطبيعتها، ومراقبة الظروف الاقتصادية العامة، إلى جانب تنويع المحفظة لتقليل المخاطر.

اقرأ أيضًا: من الأفضل الأسهم أم السندات؟

تابعنا على صفحتنا على فيسبوك

تابعنا أيضًا على صفحتنا على إنستغرام

أخبار ذات صلة