الاقتصاد الإسرائيلي.. كارثة اقتصادية والمركزي يتحرك

الاقتصاد الإسرائيلي.. للمرة الأولى في 3 سنوات، وتحديدا منذ ذروة وباء كورونا، خفض البنك المركزي الإسرائيلي معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتصل إلى 4.5 في المئة، رغم ما تحمله الحرب على غزة من تداعيات قاسية على اقتصاد إسرائيل الذي تجاوزت خسائره بسبب الحرب حتى الآن إلى 18 مليار دولار، ويتوقع أن تتضاعف هذه القيمة إذا استمرت الحرب لأشهر إضافية أو إذا اتسع نطاق الحرب ليشمل حربا مفتوحة مع حزب الله اللبناني.

وتوقعت أغلبية محدودة من الاقتصاديين الذين استطلعت “بلومبرغ” آراءهم هذه الخطوة، في وقت تراهن الأسواق على أن أسعار الفائدة ستنخفض إلى أقل من 3.4% بنهاية عام 2024.

تغير الأولويات

وفي أعقاب القرار المفاجئ نوعا ما، قال البنك المركزي إن الحرب تنطوي على عواقب اقتصادية كبيرة، سواء على النشاط الاقتصادي الحقيقي، أو على الأسواق المالية، موضحا أن هناك قدر كبير من عدم اليقين في ما يتعلق بخطورة الحرب المتوقعة ومدتها، وهو ما يؤثر بدوره على مدى تأثيرها على النشاط الاقتصادي.

دعم الاقتصاد الإسرائيلي

ويشير القرار إلى تحول في الأولويات لصالح دعم الاقتصاد من قبل صناع السياسات بقيادة محافظ البنك المركزي أمير يارون، بعد الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في الأسواق في أعقاب الهجوم الذي شنته “حماس” في 7 أكتوبر الماضي.

هذا التحول في التركيز جاء مع تباطؤ التضخم، وتعويض الأصول المحلية خسائرها، في حين شهد الشيكل أكبر ارتفاع في العالم مقابل الدولار في الشهرين الماضيين، وتجاوزت الزيادة نسبة 12%.

تخفيض سعر الفائدة وضع بنك إسرائيل في وضع أسبقية قبل التيسير المتوقع للسياسة النقدية من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والذي كان اتبعه إلى حد كبير خلال دورة تشديد قياسية أدت إلى رفع أسعار الفائدة المحلية إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2006.

وأشار اقتصاديون في “غولدمان ساكس غروب”، الذين غيروا رؤيتهم قبيل القرار إلى خفض لأسعار الفائدة من التثبيت، إلى “انحسار مخاطر الاستقرار المالي وتراجع معدل التضخم” باعتبارها عوامل تستدعي اتباع نهج أكثر تساهلاً.

الحرب ووالميزانية

مع ذلك، فإن المخاطر كثيرة، والبنك المركزي يدرس الآثار المترتبة على الخطط المالية المرتبطة بالحرب على “حماس”، والتي يمكن أن تثقل كاهل البلاد بعبء ديون أكبر.

ربما تكون الخلافات مع الحكومة حاسمة في ما سيحدث بعد ذلك، إذ دعا يارون في وقت سابق إلى “إطار مالي مسؤول”، بينما يعمل المسؤولون على إعادة صياغة الميزانية خلال فترة الحرب.

أشار تقرير لوزارة المالية نُشر في ديسمبر الماضي، إلى أن فاتورة الحرب البالغة قيمتها 75 مليار شيكل “21 مليار دولار” سيتعين تمويلها عن طريق الاقتراض، أو تخفيض الميزانية، إلى جانب زيادة الضرائب.

وقالت الحكومة إنها ليست على استعداد حتى الآن لاتخاذ خطوات من المرجح أن يعتبرها البنك المركزي كافية للسيطرة على الديون.

يُعد خطر توسع الحرب سبباً آخر للحذر في المستقبل. إذ تستمر حالة الاضطراب في مختلف قطاعات الاقتصاد مع نشر مئات الآلاف من القوات، وإخلاء مستوطنات بأكملها على طول الحدود الجنوبية والشمالية لإسرائيل. كما أن بعض أجزاء السوق لا تزال متوترة، حيث إن تكلفة تأمين السندات السيادية الإسرائيلية ضد التخلف عن السداد أعلى بكثير من مستوياتها قبل اندلاع الحرب.

تكلفة باهظة

كشفت صحيفة واشنطن بوست الأميركية في تقرير لها عن أنه من غير المناسب الآن إجراء تقييم للتكلفة المالية المتصاعدة للحرب الإسرائيلية على غزة، بينما لا تزال القنابل تنهمر على القطاع المحاصر، وفي وقت يقتل فيه مئات الفلسطينيين كل يوم، إلى جانب أعداد أصغر، لكنها غير مسبوقة، من القتلى الإسرائيليين.

وبحسب الصحيفة فإن الخسائر التي تكبدتها غزة “فادحة” إلا أن حصرها لم يبدأ بعد، فقد تضررت أو دمرت نصف المباني وثلثا المنازل في القطاع، ونزح 1.8 مليون شخص، وقُتل أكثر من 21 ألفا، طبقا لوزارة الصحة في القطاع.

أسوأ من كورونا

أما الاقتصاد الإسرائيلي فقد تضرر هو الآخر من الحرب ويقارن بعض الاقتصاديين الصدمة التي تعرض لها هذا الاقتصاد بجائحة فيروس كورونا في 2020، لكن آخرين يقولون، إن الصدمة هذه المرة ربما تكون أسوأ.

وبحسب الصحيفة فإن الإنفاق الحكومي والاقتراض في إسرائيل قد ارتفعا، بينما انخفضت عائدات الضرائب، وقد يتأثر التصنيف الائتماني بدوره بتداعيات الحرب، التي تلت هجوم حماس في 7 أكتوبر الماضي.

انكماش الاقتصاد الإسرائيلي

وأضافت أن بعض الخبراء يتوقعون انكماش الاقتصاد الإسرائيلي مع انخفاض الناتج المحلي الإجمالي المتوقع من 3% في 2023 إلى 1% في 2024، وفقا لبنك إسرائيل المركزي.

أموال طائلة

بحسب واشنطن بوست فإن إسرائيل تنفق أموالا طائلة على نشر 220 ألفا من جنود الاحتياط في المتوسط خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

موضحة أن العديد من جنود الاحتياط هم من العاملين في مجالات التقنية الفائقة، في مجالات الإنترنت والزراعة والتمويل والملاحة والذكاء الاصطناعي والأدوية والحلول المتعلقة بالمناخ.

وأشارت إلى أن قطاع التقنية في إسرائيل يعتمد على الاستثمار الأجنبي، الذي ظل يتضاءل حتى قبل الحرب، ويعود ذلك جزئيا إلى قلق المستثمرين من حالة عدم الاستقرار نتيجة تصرفات حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية.

ولا تقتصر التكاليف على دفع رواتب قوات الاحتياط، وثمن القنابل والرصاص فحسب، بل إن إسرائيل تدعم أيضا 200 ألف من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من القرى الإسرائيلية على طول حدود غزة، والحدود الشمالية مع لبنان، التي يقصفها حزب الله يوميا.

العاصفة تضرب السياحة

تعطلت السياحة في إسرائيل، وبدت شواطئ تل أبيب والبلدة القديمة في القدس خالية من الأجانب، وألغيت احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية.

كما توقفت أعمال البناء التي تعتمد عادة عل العمالة الفلسطينية من الضفة الغربية، وانخفضت الصادرات في جميع القطاعات، وأغلقت حقول الغاز الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط في وقت مبكر من الحرب، لكنها تعمل الآن بجزء من طاقتها.

أما صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الإسرائيلية فتتوقع أن تصل خسائر إسرائيل إلى 50 مليار دولار في حال استمرت الحرب من 5 إلى 10 أشهر أخرى، وهو مبلغ يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

إقرأ أيضاً : أصداء حرب غزة تتردد في اقتصاد إسرائيل

تابعنا على صفحتنا على فيسبوك

تابعنا أيضا على صفحتنا على انستغرام

أخبار ذات صلة