كيف ستؤثر زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي على اقتصادها؟
تشهد مصر تطورًا جديدًا في علاقتها مع صندوق النقد الدولي، في خطوة تعكس أهمية التعاون الدولي لتعزيز استقرار الاقتصاد المحلي، تأتي هذه التطورات في ظل زيادة حصة مصر في صندوق النقد، ما يفتح الباب أمام تخفيف الأعباء المالية وتحقيق مرونة أكبر في مواجهة التحديات الاقتصادية.
ونشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالموافقة على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 ٪. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.
وفي هذا الإطار، أوضح الخبراء تأثير هذه الزيادة على الاقتصاد المصري، مشيرًين إلى الفوائد المزدوجة التي ستجنيها مصر، سواء من خلال خفض الرسوم الإضافية المفروضة على التمويلات أو من خلال تحسين القدرة على الاستفادة من موارد الصندوق في أوقات الأزمات
نقطة تحول جوهرية في مسار الاقتصاد المصري
من جانبه، يقول الدكتور وليد عادل الخبير الاقتصادي إنَّ هذه الخطوة الاستراتيجية تحمل أهمية كبيرة لمستقبل الاقتصاد المصري، وتأتي في سياق رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز استقرار البلاد المالي والاقتصادي، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها على الصعيدين المحلي والدولي.
أكَّد الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لـ “Econ-Pedia” أنَّ هذه الخطوة تمثل نقطة تحول جوهرية في مسار الاقتصاد المصري. الزيادة في الحصة المالية بمؤسسة دولية مثل صندوق النقد الدولي لا تعبر فقط عن تعزيز قدرة مصر على الحصول على التمويل الدولي الضروري لدعم اقتصادها، بل تعكس أيضًا ثقة المجتمع الدولي في الأداء الاقتصادي المصري والإصلاحات الجارية.
وأضاف عادل أن لهذه الزيادة أثرًا إيجابيًا متوقعًا على عدة مستويات. على الصعيد المالي، من المرجح أن يسهم القرار في تحسين الوضع المالي لمصر، مما يساعد على تعزيز استقرار العملة المحلية وتقليل التقلبات الاقتصادية التي أثرت على السوق في الفترة الأخيرة.
وأشار إلى أن هذا القرار يمكن أن يكون أحد العوامل المؤثرة في تحسين تصنيف مصر الائتماني عالميًا، وهو ما سيزيد من فرص جذب استثمارات جديدة بشروط ميسرة، سواء من خلال الأسواق المالية الدولية أو عبر قنوات استثمار مباشرة.
قد يهمّك أيضًا: القطاع الصناعي المصري.. بين الإنجازات والتحديات
جذب الاستثمارات الأجنبية
من جانب آخر، أشار إلى أن هذه الخطوة قد تكون محفزًا قويًا لجذب الاستثمارات الأجنبية، حيث تعكس للمستثمرين الأجانب أن مصر تعد سوقًا جاذبًا ومستقرًا، مما قد يؤدي إلى تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وزيادة الاستثمارات المحلية نتيجة لهذه الثقة الدولية.
وفي سياق تعزيز موقع مصر على الساحة المالية الدولية، أوضح الدكتور وليد أن زيادة الحصة في صندوق النقد الدولي تعزز من دور مصر كدولة مؤثرة وفعالة داخل النظام المالي الدولي. هذا التوجه سيفتح المجال أمام مصر لتوسيع التعاون مع المؤسسات المالية الكبرى والدول الأعضاء، مما يعزز مكانتها ويتيح فرصًا أكبر للتعاون الاقتصادي والمالي.
كما شدَّد عادل على أن هذه الخطوة يجب أن يتم استغلالها بحكمة لتعظيم الفائدة منها، سواء من خلال تعزيز برامج التنمية المحلية أو من خلال دعم سعر الصرف وتوفير بيئة اقتصادية مستقرة قادرة على جذب المزيد من الاستثمارات.
واختتم وليد عادل تصريحاته قائلاً: “قرار زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي خطوة استراتيجية تحمل الكثير من الإيجابيات لمستقبل الاقتصاد المصري، وإذا ما تم استغلالها بالشكل الأمثل، فقد نشهد مرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية والاستقرار المالي الذي تسعى إليه البلاد”.
اقرأ أيضًا: قطاع العقارات المصري 2024.. أكبر سوق للمقاولات في إفريقيا
زيادة حصة مصر في صندوق النقد
صرّح الدكتور محمد عبد الهادي، الخبير الاقتصادي، أن قرار صندوق النقد الدولي الأخير بشأن زيادة حصص الدول الأعضاء يأتي كجزء من المراجعة العامة السادسة عشرة، التي تضمنت زيادات متساوية لحصص جميع الأعضاء بهدف دعم الاستقرار المالي العالمي وتعزيز قدرة الصندوق على تلبية الطلب المتزايد على التمويلات.
وأشار الدكتور عبد الهادي في تصريحات خاصة لـ “Econ-Pedia” إلى أن حصة مصر في الصندوق، البالغة نحو 2.037 مليار وحدة حقوق سحب خاصة، ستحقق فائدتين رئيسيتين. الأولى تتعلق بخفض الرسوم الإضافية التي تدفعها مصر نتيجة تجاوز نسبة التمويلات لحصتها المقررة.
وأوضح أن مصر دفعت في عام 2024 نحو 184.5 مليون دولار كرسوم إضافية، وهو عبء مالي كبير، مشيراً إلى أن قراراً سابقاً للصندوق في 2024 خفض الرسوم الإضافية عن مصر بمقدار 800 مليون دولار حتى عام 2030. ومع الزيادة الجديدة في الحصة، من المتوقع تحقيق تخفيض إضافي في تلك الرسوم.
وأكد الدكتور عبد الهادي أن الفائدة الثانية للزيادة تتمثل في تعزيز قدرة مصر على الاقتراض في حال تعرضها لصدمات اقتصادية أو مالية، وهو ما يعكس الهدف الأساسي من زيادة الحصص لدول الأعضاء لضمان مرونة الصندوق في الاستجابة للأزمات العالمية.
وفي سياق متصل، أوضح أن مصر تُعد ثالث أكبر مقترض من الصندوق بعد الأرجنتين وأوكرانيا، حيث تبلغ أرصدة تمويلاتها حوالي 8.74 مليار وحدة حقوق سحب خاصة، ما يعادل 11.33 مليار دولار، وتمثل حوالي 429.09% من حصتها في الصندوق.
اقرأ أيضًا: صندوق النقد الدولي يطالب مصر بمزيد من الإصلاحات
خطط مصر مع الصندوق لعام 2025
أشار الدكتور عبد الهادي إلى أن مصر تستعد خلال الشهر الجاري لصرف الشريحة الرابعة من برنامج التسهيل الممدد البالغ قيمته الإجمالية 8 مليارات دولار، حيث تم صرف 1.98 مليار دولار حتى الآن. ومن المتوقع أن تتلقى مصر 1.2 مليار دولار قريباً لدعم احتياطاتها النقدية واستكمال الإصلاحات الاقتصادية.
وأضاف أن مصر تواجه التزامات كبيرة بالسداد للصندوق خلال العامين المقبلين، حيث يتعين عليها في 2025 سداد نحو 3.88 مليار وحدة حقوق سحب خاصة، ما يعادل 5 مليارات دولار. أما في 2026، فستنخفض التزامات السداد إلى 1.98 مليار وحدة، ما يعادل 2.58 مليار دولار. وأوضح أن مصر سددت في 2024 نحو 6.2 مليار دولار، منها 5.25 مليار دولار كأصل قروض و987 مليون دولار كفوائد ورسوم.
على الرغم من الأعباء المالية، أكد الدكتور عبد الهادي أن وزير المالية المصري، أحمد كوجك، أوضح في تصريحات إعلامية أن مصر لا تخطط لزيادة حجم تمويلاتها من الصندوق في الوقت الحالي، حيث تركز الحكومة على تحسين الأداء الاقتصادي وخفض الاعتماد على القروض الخارجية.
وفي ختام حديثه، أشار الدكتور عبد الهادي إلى توقعات مديرة صندوق النقد الدولي باستقرار النمو الاقتصادي العالمي في عام 2025، مؤكداً أن هذه الخطوة تعزز من قدرة الدول الأعضاء على تجاوز التحديات الاقتصادية العالمية بدعم من الصندوق.
وأكَّد أن القرارات الأخيرة للصندوق تمثل فرصة مهمة لمصر لتعزيز استقرارها المالي، مشيراً إلى أهمية الالتزام بالإصلاحات الاقتصادية لضمان الاستفادة القصوى من الدعم الدولي.
لماذا خفضت فيتش توقعاتها لنمو الاقتصاد المصري؟ اطّلع على كواليس المشهد الاقتصادي!