“لعبة الحبار”.. هل يخسر أسطورة الدراما الكورية رهانه الكبير؟
تقرير: باسل محمود
في عالم الترفيه، لا يكفي تحقيق النجاح الأول لضمان استمرارية التألق.
هذا الدرس يظهر جلياً في قصة مسلسل “لعبة الحبار”، الذي تحول من ظاهرة عالمية في موسمه الأول إلى محور انتقادات عقب إطلاق موسمه الثاني.
تداعيات هذا التحول لم تكن مقتصرة على ردود الفعل الجماهيرية فقط، بل امتدت لتؤثر بشكل كبير على الاقتصاد المرتبط بصناعة الترفيه الكورية الجنوبية، وفق بلومبرج.
لعبة الحبار .. نجاح الموسم الأول
عندما عُرض مسلسل “لعبة الحبار” لأول مرة في سبتمبر 2021، لم يكن أحد يتوقع هذا النجاح الساحق.
العمل الذي ينتمي إلى فئة الإثارة والبقاء جذب ملايين المشاهدين من مختلف الثقافات.
بنصّه المبتكر وسرده الجريء، استطاع المسلسل تقديم دراما تمزج بين النقد الاجتماعي العميق والتشويق المستمر.
اقرأ أيضا: مسلسل لعبة الحبار يخيب التوقعات
تربع الموسم الأول على عرش قائمة المشاهدات على “نتفليكس” في أكثر من 90 دولة
كما حقق إنجازات غير مسبوقة، مثل كونه أول مسلسل بلغة غير إنجليزية يُرشح لجائزة “إيمي” عن فئة أفضل مسلسل درامي.
لكن نجاح “لعبة الحبار” لم يكن مجرد نجاح فني، بل كان بمثابة دفعة اقتصادية قوية للشركات الكورية العاملة في مجال الإنتاج والترفيه.
شركات مثل “وايزويغ ستوديوز” و”ديكستر ستوديوز”، شهدت ارتفاعاً كبيراً في قيمة أسهمها، مدفوعة بالتوقعات بأن نجاح المسلسل سيفتح أبواباً جديدة للاستثمار في الصناعة الإبداعية الكورية.
طموحات الموسم الثاني من لعبة الحبار
بعد سنتين من الانتظار، أُطلق الموسم الثاني في ديسمبر 2024 وسط ضجة إعلامية هائلة.
الترقب كان في أعلى مستوياته، إذ رأى الجمهور في هذا الموسم فرصة لتوسيع قصة المسلسل وكشف المزيد عن الشخصيات والأحداث.
لكن مع عرض الحلقات الأولى، بدأت الآراء تتباين بشكل لافت.
منصة “روتن توميتوز” منحت الموسم تقييم 85% من النقاد، بينما لم يحصل إلا على 65% من تقييم الجمهور، وهو انخفاض ملحوظ مقارنةً بالموسم الأول.
صحيفة “نيويورك تايمز”، في مراجعتها، أشارت إلى أن “الموسم الثاني يظهر طموحات كبيرة ولكنه يفتقر إلى العمق والتنفيذ الجيد”.
اقرأ أيضا: كيف تحمي كوريا الجنوبية صناعة الرقائق من سياسات ترمب؟
بحسب الصحيفة، فإن التحدي الأكبر، تمثل في محاولة المسلسل الحفاظ على توازن بين تقديم قصة جديدة وإرضاء الجمهور الذي كان متعلّقاً بتفاصيل الموسم الأول.
أسهم الشركات المنتجة
لم يكن تأثير الإخفاق مقتصراً على الجانب الفني، بل انعكس سريعاً على الشركات المرتبطة بمسلسل “لعبة الحبار”.
شركة “أرتيست يونايتد“
الشركة التي يملك فيها الممثل الرئيسي لي جونغ – جاي حصة كبيرة، تعرضت لضربة قوية، حيث هبطت أسهمها بنسبة 30% في يوم واحد.
يُذكر أن “أرتيست يونايتد” كانت أحد المستفيدين الرئيسيين من نجاح الموسم الأول، ولكن تراجع الحماس تجاه الموسم الثاني أضر بثقة المستثمرين.
شركة “وايزويغ ستوديوز“
وهي مستثمر رئيسي في “أرتيست يونايتد”، شهدت أسهمها انخفاضاً بنسبة 25%، وهذه النسبة تعكس قلق المستثمرين، من مستقبل الشركة وسط هذه الأزمة.
شركة “ديكستر ستوديوز“
الشريك الفني لـ”نتفليكس” في كوريا الجنوبية، عانت أيضاً من خسائر كبيرة، إذ انخفضت أسهمها بنسبة 24%.
التراجع في أداء أسهم شركات لعبة الحبار يسلط الضوء على حساسية السوق تجاه الأعمال الإبداعية، خاصة تلك التي تُعتبر ظواهر ثقافية مثل “لعبة الحبار”.
جمهور لعبة الحبار بين الشغف وخيبة الأمل
الجمهور كان دائماً العنصر الأساسي في نجاح “لعبة الحبار”، ومع ذلك، فإن ردود الفعل على الموسم الثاني كشفت انقساماً واضحاً.
بعض المشاهدين اعتبروا أن الموسم افتقر إلى عناصر التشويق والإثارة التي جعلت الموسم الأول مميزاً
بينما أشاد آخرون بمحاولته تقديم طابع جديد وتسليط الضوء على جوانب مختلفة من القصة.
لكن الأرقام والتقييمات تشير إلى أن المسلسل لم ينجح في إعادة خلق السحر نفسه، والتحدي الآن يكمن في استعادة ثقة الجمهور مع اقتراب موعد إطلاق الموسم الثالث في 2025.
قطاع الإبداع في كوريا الجنوبية
التأثير السلبي على أسهم الشركات المرتبطة بـ”لعبة الحبار” يطرح تساؤلات حول اعتماد الصناعة الإبداعية على نجاح إنتاج واحد.
كوريا الجنوبية كانت قد أصبحت مركزاً عالمياً للإبداع والترفيه، بفضل موجة “الهاليو” التي ساهمت في تصدير الموسيقى والدراما الكورية إلى العالم.
اقرأ أيضا: إقالة الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية بعد أسبوعين من توليه المنصب
لكن حالة “لعبة الحبار” تظهر أن النجاح العالمي يحمل معه تحديات ضخمة، من بينها الحفاظ على التميز والابتكار.
لعبة الحبار.. رهانات الموسم الثالث
بينما تواجه “لعبة الحبار” هذه الانتكاسة، تترقب الأنظار الموسم الثالث الذي سيُعرض في 2025.
هذا الموسم قد يكون الفرصة الأخيرة للمسلسل لإعادة بناء شعبيته واستعادة ثقة الجمهور والمستثمرين على حد سواء.
الموسم الثالث يضع فريق الإنتاج أمام خيارين، إما الاستمرار في نفس النهج الذي أثار الانتقادات، أو العودة إلى الجذور التي جعلت الموسم الأول ظاهرة عالمية.
النجاح الأول قد يكون صدفة، لكن استمراريته تتطلب إبداعاً متجدداً واستجابة للتغيرات في توقعات الجمهور
وعندما يتحول الإنتاج إلى ظاهرة عالمية، يرتفع سقف التوقعات بشكل كبير، مما يجعل أي إخفاق أكثر تأثيراً.
نجاح الأعمال الفنية لا يقتصر على الجانب الإبداعي، بل يمتد ليشمل التأثير على الاقتصاد المرتبط بها.
قصة مسلسل “لعبة الحبار” هي درس حقيقي في تحديات النجاح العالمي.
على الرغم من الانتكاسة التي واجهها الموسم الثاني، لا يزال هناك أمل في أن يتمكن المسلسل من إعادة تعريف مساره وتحقيق نجاح جديد مع الموسم الثالث.
اقرأ ايضا: قطاع العقارات المصري 2024.. أكبر سوق للمقاولات في إفريقيا
تابعنا على صفحتنا على فيسبوك