الرافعة المالية هي أداة مالية تستخدم في أسواق الأسهم والسندات تتيح للمستثمرين زيادة حجم استثماراتهم عن طريق استخدام رأس مال مقترض من جهة ثالثة؛ ففي أسواق الأسهم يمكن للمستثمرين استخدام الرافعة لشراء المزيد من الأسهم أو العقود المالية مقابل دفع جزء فقط من القيمة الإجمالية لهذه الصفقات.
تعتمد الرافعة على مبدأ استخدام أموال مقترضة لزيادة العوائد المحتملة، مما يجعلها وسيلة جذابة للمستثمرين الذين يسعون لتحقيق أرباح كبيرة، إلا أنّ استخدامها يحمل مخاطرة كبيرة، حيث إنَّ الخسائر المحتملة يمكن أن تتضاعف بسرعة في حالة حدوث تراجع في السوق.
كيف تعمل الرافعة المالية؟
تعتمد الرافعة المالية على مفهوم يسمى “النسبة المئوية للرأس المال المستخدم”؛ فبدلاً من أن يضع المستثمر كل رأس المال اللازم لإتمام صفقة معينة، يمكنه استخدام مبلغ صغير نسبياً من الأموال الخاصة به (يسمى الهامش) لفتح صفقة أكبر.
على سبيل المثال، إذا كانت الرافعة هي 1:10، فهذا يعني أنه يمكن للمستثمر استثمار عشرة أضعاف المبلغ الذي يضعه كمقدار هامش. إذا وضع مستثمر مبلغ 1000 دولار، فإنه يمكنه إجراء صفقة بقيمة 10,000 دولار. بمعنى آخر، الرافعة تسمح له بالتحكم بمبلغ أكبر من الأموال مقارنة بما يملكه فعلاً.
تعرف إلى تفاصيل شراء السندات الحكومية وأهم العوامل التي يُمكن أن تؤثر فيها
أنواع الرافعة المالية
الرافعة المالية في أسواق الأسهم تختلف حسب نوع الأداة المالية المستخدمة والسياسات الخاصة بكل سوق أو مؤسسة مالية، حيث يمكن تقسيم الرافعة إلى نوعين رئيسَين هما الرافعة الثابتة والمتغيرة، ويعتمد تحديد النوع على الاستراتيجية الاستثمارية ومدى قدرة المستثمر على تحمل المخاطر.
تتميز الرافعة الثابتة بأنّها تمنح المستثمر قدرة على استخدام نسبة ثابتة من رأس المال، في حين يُمكن للرافعة المتغيرة أن تتغير بناءً على السوق أو تقلبات الأسعار، حيث إنّ بعض الأسواق تقدم رافعة مالية عالية، مثل 1:50 أو 1:100، في حين أنَّ الأسواق الأخرى قد تفرض قيودًا على مقدار الرافعة التي يمكن استخدامها.
المزايا الرئيسية للرافعة المالية
توفّر الرافعة العديد من المزايا للمستثمرين الذين يرغبون في زيادة حجم استثماراتهم دون الحاجة إلى استثمار رأس مال كبير، من أهمّها إمكانية تحقيق عوائد أكبر على الاستثمار. عندما تكون الأسواق في حالة صعود، يمكن للمستثمرين تحقيق أرباح كبيرة بفضل الرافعة .
على سبيل المثال، إذا كانت القيمة السوقية للأسهم قد ارتفعت بنسبة 5%، فإن المستثمر الذي يستخدم رافعة مالية بنسبة 1:10 قد يحقق ربحًا يبلغ 50% من استثماره. كما أن الرافعة المالية توفر فرصًا للمستثمرين للاستفادة من تحركات السوق السريعة والفرص قصيرة المدى.
المخاطر المرتبطة بالرافعة
على الرغم من المزايا التي توفرها الرافعة ، إلا أنها تحمل أيضًا مخاطر عالية؛ أولاً، إذا كانت الأسواق تتحرك ضد اتجاه المستثمر، فإن الخسائر يمكن أن تتضاعف بنفس سرعة الأرباح المحتملة. على سبيل المثال، إذا كانت قيمة الأسهم قد انخفضت بنسبة 5%، فإن المستثمر الذي يستخدم رافعة مالية قد يتعرض لخسارة 50% من استثماره.
كما أن الرافعة قد تؤدي إلى سحب الأموال من حساب المستثمر إذا انخفضت قيمة الاستثمار بشكل كبير، مما يزيد من حجم الخسائر، ومن المهم أن يكون المستثمرون على دراية تامة بالمخاطر المرتبطة بالرافعة وأن يستخدموها بحذر.
اقرأ أيضًا: السعودية تبحث عن الأصول الخطرة بعيدًا عن السندات الأميركية
دور الهامش في الرافعة المالية
الهامش هو المبلغ الذي يجب على المستثمر دفعه كضمان للحصول على الرافعة، ويمثل الجزء الذي يجب أن يتحمله المستثمر من قيمة الصفقة، بينما يتم اقتراض باقي المبلغ من الوسيط أو المؤسسة المالية.
على سبيل المثال، إذا كانت الرافعة 1:10، وكان الهامش المطلوب 10%، فإن المستثمر سيحتاج إلى دفع 1000 دولار كمقدار هامش لفتح صفقة بقيمة 10,000 دولار، حيث يعد الهامش يعد بمثابة ضمان للمؤسسة المالية التي تقدم الرافعة المالية، وفي حالة حدوث خسائر، قد يتطلب من المستثمر إضافات إلى الهامش لتغطية الخسائر.
كيفية استخدام الرافعة بشكل حكيم؟
من أجل استخدام الرافعة المالية بشكل حكيم، يجب على المستثمرين أخذ بعض الأمور بعين الاعتبار، حيث يجب تحديد المبلغ الذي يمكن تحمله من الخسائر المحتملة قبل استخدام الرافعة، وينصح الخبراء بتقليل استخدام الرافعة لتقليل المخاطر المحتملة، واختيار نسب منخفضة من الرافعة مثل 1:2 أو 1:3 بدلاً من الرافعات الكبيرة مثل 1:50.
كما يجب على المستثمرين أن يكونوا مستعدين للانخراط في استراتيجية خروج واضحة تحمي استثماراتهم في حالة حدوث تحركات سلبية في السوق. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون لدى المستثمر استراتيجية إدارة رأس المال لضمان عدم تعريض جزء كبير من رأس المال للخطر.
التأثيرات النفسية للرافعة المالية
تستخدم الرافعة بشكل شائع في الأسواق المالية، ولكن قد يكون لها تأثير نفسي كبير على المستثمرين.
يمكن للربح السريع الناتج عن استخدام الرافعة أن يؤدي إلى شعور بالإثارة أو الطمع، مما قد يدفع المستثمرين إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة.
من جهة أخرى، قد تؤدي الخسائر الكبيرة إلى الشعور بالخوف أو الندم، مما قد يجعل المستثمرين يتخذون قرارات انفعالية قد تؤدي إلى تفاقم خسائرهم. ومن المهم أن يكون لدى المستثمر الوعي الكامل بتأثيرات الرافعة المالية على حالته النفسية واتخاذ قرارات استثمارية بناءً على التحليل المنطقي وليس المشاعر.
القواعد القانونية للرافعة المالية
في أسواق الأسهم، تفرض العديد من الهيئات التنظيمية قوانين صارمة بشأن استخدام الرافعة لضمان حماية المستثمرين من المخاطر المفرطة؛ حيث يُحدد الحد الأقصى للرافعة التي يمكن استخدامها من قبل الأفراد في بعض الدول، وذلك لمنع التضخم المفرط في السوق أو السماح بحدوث خسائر ضخمة.
كما أن هناك متطلبات إضافية بشأن الهامش الذي يجب على المستثمرين دفعه. من المهم أن يكون المستثمرون على دراية بالقوانين واللوائح المتعلقة باستخدام الرافعة في أسواقهم المحلية والدولية لضمان امتثالهم لتلك القوانين وتجنب الوقوع في مشاكل قانونية.
تُعد الرافعة أداة قوية يمكن أن توفر فرصًا كبيرة لتحقيق أرباح في أسواق الأسهم، ولكنها في الوقت نفسه تأتي مع مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى خسائر كبيرة. من المهم أن يكون لدى المستثمرين معرفة شاملة حول كيفية استخدام الرافعة بشكل آمن ومدروس، مع فهم تام للمخاطر المرتبطة بها.
كما يجب أن يتبنى المستثمرون استراتيجيات إدارة مخاطر واضحة ويستخدمون الرافعة بحذر، مع التزامهم بالقواعد القانونية والإرشادات التي تحكم استخدامها.
موضوع ذو صلة: أيُّهما أفضل الاستثمار في الودائع أم الأسهم؟