مدينة الدواء المصرية.. بوابة جديدة للصناعات الدوائية في الشرق الأوسط

تُمثل مدينة الدواء المصرية واحدة من أبرز المشروعات القومية التي تعكس توجُّه الدولة نحو تعزيز قدراتها الإنتاجية في قطاع الصناعات الدوائية، وتوسيع مساهمتها في السوقين المحلي والدولي، وقد تم افتتاح المدينة في أبريل 2021 لتكون أحد أكبر المجمعات الصناعية في الشرق الأوسط وأفريقيا، بتصميمها المتطور وقدرتها على استيعاب أحدث التقنيات العالمية.

خطط عملية لتعزيز الإنتاج المحلي

بلغت استثمارات المشروع أكثر من مليار جنيه مصري في مرحلته الأولى، مع خطط توسُّعِية تهدف إلى زيادة الاستثمارات خلال السنوات القادمة لتلبية الطلب المتزايد، وتضم المدينة أكثر من 160 مصنعًا وشركة تعمل على إنتاج وتطوير الأدوية، بما في ذلك الأدوية المزمنة، والأدوية عالية التقنية مثل العلاجات البيولوجية والهرمونية، والمستحضرات الطبية المتطورة.

ومن جانبه، صرَّح الدكتور علي الغمراوي، رئيس هيئة الدواء، بأنَّ مدينة الدواء المصرية تستهدف إنتاج حوالي 20% من احتياجات السوق المحلية من الأدوية، مما يساهم في خفض الاعتماد على الاستيراد، وتقليل تكلفة الأدوية على المواطنين، كما تهدف إلى دعم مبادرات الرعاية الصحية التي تتبناها الدولة مثل مبادرة “100 مليون صحة”، وضمان توفر الأدوية بأسعار مناسبة.

وأوضح الغمزاوي أنَّ الطاقة الإنتاجية القصوى للمصنع تتراوح ما بين 150 إلى 200 مليون عبوة سنويًا، لافتًا إلى أنَّ الإنتاج الحالي يبلغ نحو 65 مليون عبوة سنويًا، ومن المتوقع أن يزيد عدد المنتجات إلى 95 منتجًا في نهاية العام الجاري، مقابل 60 منتجًا في نهاية عام 2023.

التكنولوجيا المالية تقود التحول الرقمي في مصر وتجذب استثمارات ضخمة .. اقرأ التفاصيل!

التصدير إلى الأسواق الإقليمية والعالمية

ذكر الغمزاوي أنّ مصر تُخطِّط إلى تعزيز حضورها في الأسواق الإقليمية والعالمية من خلال مدينة الدواء، وتشمل الدول المستهدفة للتصدير:

  • الدول الأفريقية: مثل نيجيريا، وكينيا، وجنوب أفريقيا، حيث تهدف المدينة إلى سدِّ الفجوة الدوائية وتقديم حلول صحية بأسعار تنافسية.
  • الدول العربية: مثل السعودية، الإمارات، والعراق، إذ إنّ مصر تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والصحي مع هذه الدول.
  • الأسواق الأوروبية: خصوصًا الدول التي تهدف لتوفير أدوية بجودة عالمية وبأسعار منخفضة مقارنةً بالمصادر الأخرى.
  • آسيا الوسطى وأميركا اللاتينية: تدخل ضمن خطة تنويع الأسواق والوصول إلى مناطق ذات طلب متزايد.

دور مدينة الدواء في تحقيق التنمية الصحية والاقتصادية

تهدف مصر إلى تحقيق اكتفاء ذاتي بنسبة 100% من الأدوية الأساسية بحلول 2030، حيث تمثل مدينة الدواء منصة جاذبة للشركات العالمية لإقامة شراكات أو استثمارات في التصنيع المحلي، فهي تعتمد على أحدث المعايير الدولية في الإنتاج، مما يُعزز فرص نقل التكنولوجيا الحديثة للصناعات الدوائية المحلية.

ووفقاً للغمراوي، تُشير التقديرات إلى أن مدينة الدواء ستُساهم في رفع مساهمة قطاع الصناعات الدوائية في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20% خلال السنوات العشر المقبلة، كما ستعمل على خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، مما يدعم الاقتصاد الوطني.

كما أكَّدت الدكتور شيرين حلمي، خبير صناعة الدواء، أنّ مدينة الدواء تُمثل خطوةً مهمّةً نحو تحقيق الاستقلال الصحي لمصر، كما أنّها تعكس التزام الدولة بتطوير قطاع الأدوية وتحقيق التنمية المستدامة في هذا المجال، ومن خلال هذا المشروع يُمكن لمصر أن تصبح مركزًا إقليميًا مرموقًا في صناعة الأدوية، مما يعزز قدرتها على مواجهة التحديات الصحية في المستقبل ويوفِّر بيئة صحية أكثر أمانًا لمواطنيها.

اقرأ أيضًا: هل استفادت مصر من مشاركتها في قمة مجموعة العشرين؟

مشروع وطني طموح في مواجهة تحديات التنفيذ

أوضحت حلمي في تصريحات خاصة لموقع “Econ-Pedia” أنَّ مدينة الدواء المصرية تُمثل نقطة تحول استراتيجية في تعزيز الصادرات المصرية وتقليل الفجوة التجارية في قطاع الأدوية، ومن المتوقع أن تصبح مصر مركزًا إقليميًا لتصنيع وتصدير الأدوية في السنوات المقبلة.

كما أشادت حلمي بالمشروع قائلةً: “تُمثل مدينة الدواء المصرية نموذجًا ناجحًا للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص في تحقيق التنمية الصناعية والصحية، وتُعَدُّ خطوة هامّة نحو تعزيز مكانة مصر الاقتصادية والصحية على الساحة الدولية”، وأكَّدت  أنَّ مدينة الدواء تعد مركزًا إقليميًا للتعاون مع كافة الشركات العالمية في مجال الإنتاج المشترك ونقل التكنولوجيا، بالإضافة إلى فتح أسواق جديدة للتصدير.

ومن جانبه، يقول الدكتور محيي حافظ، خبير صناعة الدواء، إنّ “المدينة التي تقع في المنطقة الصناعية بمدينة السادس من أكتوبر واحدة من أكبر المشروعات التي تُخطط لتطوير صناعة الدواء محليًا؛ حيث تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية وتوفير الأدوية بأسعار منافسة، مع التركيز على تصنيع الأدوية الأساسية والمهمة التي تلبي احتياجات السوق المحلي والإقليمي”.

لكن يرى حافظ أنَّه رغم أهمية مدينة الدواء، إلَّا أنَّ هناك تحديات تواجه تنفيذ المشروع؛ مثل ضرورة تطوير البنية التحتية، والتأكد من الحصول على المواد الخام اللازمة لصناعة الأدوية، إلى جانب الحاجة إلى تدريب الكوادر البشرية على أحدث التقنيات في هذا المجال.

أهمية مدينة الدواء

أوضح حافظ في تصريحات خاصة لموقع “Econ-Pedia” أنّ مدينة الدواء تأتي ضمن رؤية الحكومة المصرية لتعزيز القطاع الصحي والصناعي في البلاد، حيث سيكون لها دور بارز في تحقيق ما يأتي:

  • تعزيز الاكتفاء الذاتي: تعد مدينة الدواء من المشروعات الحيوية التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على الواردات من الأدوية؛ فمن خلال تصنيع الأدوية محليًا ستتمكن مصر من ضمان توافر الأدوية بشكل مستمر في الأسواق، مما يُقلل من خطر نقص الأدوية في المستقبل.
  • خفض التكاليف: تساهم المدينة في تقليل تكلفة الأدوية على المواطنين، إذ إنَّ تصنيع الأدوية محليًا يُقلل من التكاليف المرتبطة بالاستيراد، مثل رسوم النقل والضرائب، مما يسمح بتوفير أدوية بأسعار أقل للمستهلكين.
  • دعم الابتكار والبحث العلمي: تُعد مدينة الدواء بمثابة مركز بحثي وصناعي يُتيح الفرصة لتطوير أدوية جديدة وتحقيق الاكتشافات العلمية، حيث ستوفّر المدينة بيئة خصبة للاستثمار في مجال البحث والتطوير، مما يعزز الابتكار في صناعة الأدوية.
  • إيجاد فرص عمل: توفّر المدينة فرص عمل لآلاف المواطنين، سواء في مجال التصنيع أو البحث والتطوير، وهو ما يساهم في تقليل معدلات البطالة وتحسين الاقتصاد المحلي.
  • تعزيز التعاون الإقليمي والدولي: مع مرور الوقت، يمكن للمدينة أن تصبح مركزًا مهمًا للتعاون بين الشركات العالمية والمحلية، مما يعزز مكانة مصر كمركز إقليمي لتصنيع وتوزيع الأدوية.

وفقًا لحافظ: “مدينة الدواء إحدى المبادرات الاستراتيجية التي تمثل نقلةً نوعيةً في صناعة الأدوية بمصر، حيث تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الأدوية وتوفير فرص عمل جديدة، فضلاً عن تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي هامّ في صناعة الدواء”.

قد يهمّك أيضًا: تونس.. قانون الهجرة مقابل المال يثير الجدل

تابعنا على صفحتنا على فيسبوك

تابعنا أيضًا على صفحتنا على إنستغرام

أخبار ذات صلة