إصلاحات جذرية في العراق.. البنك المركزي يعلن عن خطة طموحة

تقرير: باسل محمود

في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، أعلن محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، عن سلسلة من الإجراءات الطموحة التي تهدف إلى إعادة تشكيل النظام المالي وتعزيز الاقتصاد الوطني، بحسب وكالة أنباء العراق.

وخلال مشاركته في فعاليات منتدى الأسبوع العربي للتنمية المستدامة في القاهرة، شدّد العلّاق على أهمية تقليل اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط، وتنويع موارده، وتطوير آليات جديدة لتحويلات العملة الأجنبية، ما يُمثل تحولًا جوهريًا يُعيد تشكيل مسار الاقتصاد العراقي لتحقيق الاستقرار والنمو المستدام.

تنويع الاقتصاد العراقي

يعاني الاقتصاد العراقي من هيمنة القطاع النفطي الذي يشكل المصدر الرئيسي للإيرادات العامة، الأمر الذي يؤدي إلى تصدير معظم عائدات النفط إلى الخارج من خلال استيراد السلع، ما يضعف القاعدة الإنتاجية المحلية.

وقد أشار العلاق إلى أنَّ الحكومة تتجه نحو تنويع الاقتصاد، مؤكداً أهمية تحفيز القطاعات الصناعية والزراعية لإنشاء مشاريع إنتاجية حقيقية تخلق فرص عمل وتعزز النمو الاقتصادي.

وقال: “ازدهار القطاع المصرفي مرتبط بوجود قاعدة إنتاجية قوية، وهدفنا هو تقليل الاعتماد على النفط وتوجيه الإيرادات نحو بناء اقتصاد محلي مستدام”. هذه الاستراتيجية تتماشى مع رؤية أوسع لتقليل تأثير تقلبات أسعار النفط على الاقتصاد الوطني وتوفير فرص أكبر للاستثمار في البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية.

اقرأ أيضًا: مدينة جديدة في العراق.. بـ 2 مليار دولار

الاحتياطات في المركزي العراقي

أحد أبرز العناصر التي تسند جهود البنك المركزي هو الموقف النقدي القوي، إذ إنّ الاحتياطيات الأجنبية للعراق، وفقاً للعلاق، “ممتازة جداً”، مما يمنح البنك المركزي مرونة كبيرة في دعم سعر الصرف وتحقيق استقرار نقدي.

ويقول العلاق:”ارتفاع الاحتياطات يمنحنا القدرة على تلبية جميع الطلبات على العملة الأجنبية دون مخاوف، والبنك المركزي مستعد لمواجهة أي تقلبات خارجية أو ضغوط على العملة”، علمًا أنّ هذا الاستقرار النقدي كفيل بتعزيز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، وتمهيد الطريق لسياسات اقتصادية أكثر جرأة وفعالية.

المركزي العراقي والتحويلات الخارجية

أعلن العلاق عن تطبيق نظام جديد للتحويلات الخارجية يُركز على الشفافية والرقابة، مع ضمان تلبية احتياجات التجارة الخارجية، وذلك بهدف معالجة ملاحظات سابقة على النظام القديم الذي كان يفتقر إلى الكفاءة والوضوح.

وبحسب العلاق، فإن تطبيق هذا النظام واجه تحديات في البداية لكنّه تجاوزها، واليوم تسير التحويلات التجارية بانسيابية، الأمر الذي أسهم في السيطرة على التضخم والحفاظ على استقرار الأسعار.

كما أشار إلى فتح قنوات جديدة للتحويل باستخدام عملات بديلة عن الدولار؛ تشمل الليرة التركية، والروبية الهندية، واليوان الصيني، بالإضافة إلى العملات الأوروبية، وذلك لتخفيف الاعتماد على الدولار وتعزيز مرونة النظام المالي.

اقرأ أيضًا: صندوق النقد يحذر من تباطؤ حاد للنمو الاقتصادي في العراق

تحويلات السفر والعلاج: آلية جديدة للمواطنين

أوضح العلاق أنّ الإصلاح لم يقتصر على التحويلات التجارية فحسب، بل شمل أيضًا التحويلات الخاصة بالمواطنين، كما أنّه كشف عن خطة لإطلاق آلية جديدة في العام المقبل تهدف إلى تسهيل تحويلات السفر والعلاج وغيرها من التحويلات المشروعة إلى الخارج.

بيّن العلاق أنّه تمَّ الاتفاق مع شركات دولية مثل Visa وMastercard وMoneyGram وWestern Union لتطوير نظام متكامل يضمن الشفافية والسهولة، حيث ستوفّر هذه الخطوة طمأنينة للمواطنين، خاصة مع تساؤلاتهم حول مستقبل التحويلات بعد اعتماد المنصة الإلكترونية الجديدة، وأكّد أنَّ الانتقال إلى النظام الجديد سيكون تدريجيًا، ما يضمن استمرارية العمليات دون انقطاع.

المنصة الإلكترونية في المركزي العراقي

نقل العلاقة بين المصارف العراقية والمصارف المراسلة الدولية يُعد إنجازًا مهمًا في مسار الإصلاحات، وقد حقق البنك المركزي تقدمًا كبيرًا في هذا المجال، مع نجاح 95% من عملية الانتقال إلى المنصة الإلكترونية.

وفي هذا السياق قال العلاق: “هذه المنصة تُمثل تحولاً نوعياً يضع الشفافية والكفاءة في قلب العمليات المصرفية، ونحن نسير بخطى ثابتة نحو إتمام العملية بالكامل خلال الأسابيع المقبلة”، وذلك لمواكبة المعايير الدولية، وتعزيز الثقة في النظام المالي العراقي، سواء من قبل المواطنين أو الشركاء الدوليين.

التحديات المستقبلية وآفاق النمو

رغم التحولات الإيجابية، يواجه الاقتصاد العراقي تحديات كبيرة، أبرزها الحاجة إلى تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد، الأمر الذي يتطلب تنسيقاً بين السياسات النقدية والمالية لتوفير بيئة مواتية للاستثمار والتنمية.

وقد أشار العلاق إلى أن الحكومة والبنك المركزي يعملان جنبًا إلى جنب لتحقيق هذه الأهداف، قائلًا: “نسعى لتحفيز الاستثمار في القطاعات الصناعية والزراعية، وهو ما يتطلب دعمًا مصرفيًا قويًا”.

بالإضافة إلى ذلك، فإن تطوير البنية التحتية وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص سيكونان عاملين أساسيين لدفع عجلة الاقتصاد نحو تنويع مستدام.

رؤية نحو اقتصاد أكثر استدامة

تصريحات محافظ البنك المركزي تعكس رؤية طموحة لإعادة تشكيل النظام المالي العراقي، مع التركيز على تنويع الاقتصاد وتعزيز الاستقرار النقدي، كما أنَّ الإصلاحات الجديدة في نظام التحويلات الخارجية، إلى جانب الجهود لتقوية الإنتاج المحلي، تُمثل خطوات حاسمة نحو بناء اقتصاد قوي ومستدام.

مع استمرار هذه الجهود، يبدو العراق على أعتاب مرحلة جديدة تُعيد تشكيل دوره الاقتصادي محليًا ودوليًا، الأمر الذي سيُعزز قدرته على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات شعبه نحو مستقبل أكثر إشراقًا.

إيرادات العراق من صادرات النفط تسجل 8.5 مليار دولار .. اقرأ التفاصيل في تقريرنا الحصري

تابعنا على صفحتنا على فيسبوك

تابعنا أيضًا على صفحتنا على إنستغرام

أخبار ذات صلة